أسباب المقاطعة بالنسبة لرئيس شركة دانون:

لقد مر وقت الصدمة، والتواصل، وحان الآن وقت اتخاذ القرارات الاستراتيجية، والتي كان من بينها قرار غير مسبوق، وهو بيع الحليب الطري لسنطرال دانون بثمن مناسب، هذا وقت التحليل بالنسبة لرئيس الشركة الفرنسي.
قدم إمانويل فابر، خلال تواصل مباشر مع "بروت"، عدة توضيحات حول مقاطعة حليب شركته بالمغرب (أنظر مداخلته من خلال 20''19').
أول تقرير تم تسليمه : الوضعية لم تعرف تغييرا كبيرا لحدود اليوم، خسارة حوالي 50 في المئة من المبيعات، لم يتم تعويضها رغم كل الجهود المبذولة في علاقة مع المستهلكين.
"الإجابة تأتي من مكان آخر (...) كانت هناك أعمال شغب..."
عندما تم سؤاله عن سبب تأخر الإجابة على المقاطعة إذ أخذ ذلك وقتا طويلا، بدأ فابر في تفسير أسطوري لظاهرة المقاطعة، وأجاب، مقدرا أن رد فعل شركته لم يأت بطيئا : "الإجابة تأتي من مكان آخر".
"الظاهرة المغربية تعود لكون المغرب بلد تعاني فيه فئة كبيرة، أو بالأحرى الأغلبية، من انخفاض القدرة الشرائية. (...) تعود للتضخم الذي يرتبط أحيانا بانخفاض قيمة العملة، ارتفاع أسعار بعض المواد الأولية، إلخ...، مثلا سبق أن طرحت تساؤلات حول ارتفاع ثمن الدقيق، (...) الذي يعد ضمن العناصر الأساسية للتغذية بالنسبة للمغاربة، كانت هناك أعمال شغب (...)"، هكذا أوضح فابر مشيرا إلى الانتفاضات الشعبية لسنوات 80 و 90.
بالنسبة إليه، يتعلق الأمر "بظاهرة سأم وتعب من غلاء المعيشة بالنسبة لعدد كبير من المغاربة، وقد تم التعبير عنه لأول مرة عن طريق جيل من الشباب."
المقاطعون، بالنسبة إليه، "بدل أن يعبروا عن مواقفهم بالنزول للشارع والاحتجاج، عبروا عنها بطريقة رقمية".
لماذا العلامة التجارية دانون؟ السبب الذي قدمه إمانويل فابر كان : سنطرال دانون، أو على الأقل حليبها الطري المبستر "يباع كل يوم ويستهلك كل يوم". يعقد مقارنة بين وضعيته وبين موزع الوقود أفريقيا التي بالنسبة إليه لم تستهدفها المقاطعة، لكون البنزين ليس منتج للاستهلاك الشعبي المتكرر. "يجب أولا امتلاك سيارة...المغاربة بعيدين كل البعد على أن يمتلك كل منهم سيارة، لن يقوموا بتعبئة البنزين يوميا من أجل الذهاب إلى مكان قد يبعد ثلاث دقائق عن مقر سكنهم."، ويضيف : "هذا الوضع مختلف تماما عن وضع علامتنا التجارية، التي تتمركز فيما هو يومي."
التزام نهائي بدون أرباح أكثر :
بالنسبة لفابر، "الرسالة الأكبر التي تريد هذه المقاطعة أن توصلها لبعض الجهات الفاعلة، هي أنه بمقاطعة شاملة لعلامة تجارية راسخة في الاستهلاك المغربي لمدة 70 سنة، تمتلك جزء كبير من السوق، لها سمعة جيدة، توجد في وضعية تساعد على إرسال رسالة أقوى وبشكل متكرر."
بالنسبة لرئيس شركة دانون، "إنها ظاهرة تتجاوز العلامة التجارية في حد ذاتها (...)، ظاهرة غير مسبوقة" تتطلب من متعددي الجنسيات بعض الوقت لفهمها. شهر رمضان "الفترة التي لا يسمح خلالها القيام بمجموعة من الأمور" ساهمت في تأخر إيجاد حل مناسب للمشكل"، تم ينطلق في سرد التدابير المتخذة من قبيل "التشاور الموحد" والذي توجه نحو آلاف المغاربة من أجل تقديم نموذج عمل جديد سيتم بيعه بثمن مناسب، إذن بدون هامش، الحليب الطري المبستر سنطرال. "التزام ثابت ونهائي بعدم تحقيق أرباح على هذا الجزء"، هكذا وضح الرئيس التنفيذي لشركة دانون.
يضيف للتفصيل أنه اضافة إلى تخفيض بعض الأثمنة، خصوصا على الإعلان و الترويج، قامت دانون بتخفيض ثمن نصف لتر من الحليب من 3.50 درهم إلى 3.20 درهم، وفي نفس الوقت تم إطلاق حليب شبه منزوع الدسم بثمن 2.50 درهم، كان "بعيدا كل البعد على الأسعار التي تناسب إمكانيات الأسر المغربية".
موقف جد عصري، اتخذه فابر ملتزما مرة أخرى بالشفافية، عبر القيام بنشر الآراء، الجودة، زيارة المزارع...على صفحة الفايسبوك لدانون سنطرال.
أحد خصائص حضور شركة دانون في المغرب، التي تقع تحت المسؤولية الاجتماعية للشركات، حسب فابر، أن الشركة الفرنسية هي الوحيدة التي استطاعت أن تجمع وطنيا "100000 مربي، وقطع 24000 كيلومتر يوميا." في حين أن منافسيه يقتصرون على بيئتهم الإقليمية المباشرة.
يؤكد فابر أن شركة سنطرال دانون، تاريخيا، كان لها دور في تنمية قطاع الحليب، ويعتقد أن أحد الرهانات الكبرى لحركة المقاطعة هذه هي "إيجاد توازن للحفاظ على هذا القطاع"، بين حاجيات المربي من أجل العيش، وبين "المطالب الشرعية للمقاطعين بأثمنة تناسب إمكانياتهم". معادلة طرحت منذ أسبوع ونحن الآن في حاجة لمعرفة كيفية إعادة تشغيل الأمور.
البحث عن شكل من أشكال العدالة (...) العدالة الاجتماعية :
فيما يخص سؤال هل محو أي شكل من أشكال الربح سيكون مجرد "فكرة تسويقية (...) من أجل تهدئة الأوضاع"، يجيب فابر : "نحن في مجال حيث محاورينا في بحث عن شكل من أشكال العدالة" مشيرا إلى إيمانه بتعريف "العدالة الاجتماعية".
في هذه الحالة، فإن الأمر لا يتعلق بمجرد منتج يستهلكه (...) ملايين الأسر المغربية، يوميا، والذين يعانون من مشاكل حقيقية في القدرة الشرائية (...). هناك علاوة على ذلك، الكثير من النقاش حول القدرة الشرائية في المغرب، حتى على المستوى المهني : إلغاء هامش الربح من أجل الاستمرار في دعم المربين وتغذية المغاربة، لا يشكل أي مشكل بالنسبة لي". يضيف الرئيس التنفيذي لشركة دانون مذكرا أن شركته هي الوحيدة التي خفضت ثمنها "على هذا النطاق"، في حين سمع أن شركات متعددة الجنسيات لمنتجات أخرى حافظت، عبر مصانعها وقنوات التوزيع الخاصة بها، على "هامش أرباح اعتيادية".
"لدينا موضوع كبير، فأنا أفضل أن تكون لدي شركة، في المجموع، تربح أقل، وتتواجد في الحياة اليومية وفي حوار دائم مع المغاربة لأنها هناك منذ 70 سنة، على أن أملك شركة ليس لها أي فائدة اجتماعية." هكذا ختم فابر حديثه وهو يعد بإدخال منتجات جديدة مبتكرة للأسواق المغربية والتي ستكون خاصة ببعض الفئات من المستهلكين.
فيما يخص استمرار المقاطعة من عدمه، أجاب فابر بحذر "بالنسبة للمشاعر المعبر عنها، فالوضعية عرفت تحسنا على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي". أما بالنسبة للمبيعات فلازال الوقت مبكرا لتحديد النتائج.
لكن سنطرال تواجه مشكلا آخر يشير إليه فابر في نهاية تدخله : في ذروة الأزمة، تم توقيف التعامل مع العديد من المربين، مما أدى إلى اختلال في عملية إعادة تشغيل الخدمات التي هي المنبع في هذا القطاع".
النتيجة، كما كشف موقع أفريكا انتليجينس، شركة أنور القابضة المستثمرة في الخاصة بهشام بوطكراي اجتاحت المنطقة، حيث استطاعت شركته "بيست ميلك" أن تسترجع حوالي 40 في المئة من إنتاج الحليب بجهة تادلة أزيلال. قامت شركة سنطرال دانون، متأثرة بشكل كبير بالمقاطعة منذ أبريل الماضي، بتقليص نقط جمع الحليب الذي توفره التعاونيات والمنتجين. من أجل الاستفادة من هذا الوضع، لم تتردد شركة "بيست ميلك" في أن تلعب على أثمنة تنافسية : تشتري لتر من الحليب ب 4 دراهم، في مقابل 3.60 درهم لسنطرال دانون.