أول « تاريخ افتراضي » للمغرب لمحمد نبيل ملين 5/2: مولاي إدريس الأول مؤسس الدولة المغربية؟

يعود بنا المؤرخ نبيل ملين الى القرون الأولى للهجرة النبوية ، ليرسم الخطوط العريضة لمسار مختلف لمولاي إدريس الأول، وهو أحد أسباط النبي (ص) الذي يروى أنه حضر الى المغرب في القرن الثامن، ليؤسس الدولة المغربية...
في حلقة ثانية من سلسلته التاريخية الافتراضية "يقال إن"، عبر سرد تمتزج فيه الرسوم والمصادر والوثائق التاريخية ليمكن المشاهد من فهم تاريخ الأدارسة من منظور مختلف. وقد حققت هذه الحلقة أكثر من 84.000 مشاهدة على يوتيوب.
سيرته غامضة، ويقال أنه أحد أسباط النبي، وقد حضر إلى المغرب في القرن الثامن الهجري، وحيدا وبقيت هذه الرواية صامدة الى حين ظهور أدلة تكشف حقائق أخرى. إذ تبين حسب المؤرخ ملين، أنه لم يكن يهدف إلى تأسيس دولة بالمغرب، ولا نشر الاسلام، بل حشد الدعم للعودة الى المشرق والاستيلاء على الخلافة كما فعل العباسيون والفاطميون.
ويقول ملين، لقد تم التغاضي عن هوية إدريس الأول الزايدية وتقديمه كممثل للإسلام السُّني المالكي الاشعري الصوفي بامتياز، رغم أن هذه المفاهيم لم تكن معروفة في القرن الثامن. وتضخمت هذه الاسطورة مع مرور الزمن، وعندما رغب بعض أعضاء الحركة الوطنية إثبات قدم وعراقة الدولة المغربية اختاروا إدريس الاول كمؤسس لها. وهو ما رسخه الخطاب الرسمي بعد الحصول على الاستقلال.
لم يكن إدريس الأول" لا طريدا ولا شريدا" بل كان "مبعوثا رسميا من الإمام الزايدي تسانده شبكة من الاتباع"، ولم يكن "المغرب اختياره الأول" بل لجأ اليه بعد أن أخرج بالقوة من عدة أماكن من المغربين الأدنى والأوسط، ليرتحل بعد ذلك الى وليلي. ولا نعرف الكثير عن هذا الطالبي سوى أنه ولد بالمدينة وأنه التحق مبكرا بالحركة الزايديية سنة 787 هجرية. وكانت الدعوة الزايدية والمعتزلية مترسختان بالمغرب آنذاك.
ويقول ملين، التحق إدريس الأول بحاضنة سياسية دينية ناضرة بالحيوية بالمغرب. واستقر بوليلي والتفت حوله قبيلة أوربة في نهاية سنة 788 هجرية. كما حصل على دعم مجموعة من قبائل شمال المغرب مثل ترهونة مغيلة وهوارة ومكناسة وصدينة وزواغة لتوطيد قاعدته وتوسيع سلطته للعودة الى المشرق.
الفتنة الكبرى
ويعود بنا المؤرخ الى وفاة النبي(ص)، حيث سعت أهم العائلات القريشية الى الخلافة مما أدى الى ظهور انقسامات دينية بين الاطراف المتناحرة.
وكان الطالبيون أحد الاطراف التي سعت الى إمامة المسلمين وحاولوا الاستيلاء على الحكم خلال حكم الامويين الا أن انقسام شعبة علي الى فرق متناحرة وكانت الزايدية من أنشطها كان من أهم أسباب فشلهم. وشهدت هذه الفترة 6 ثورات بين 680 و744 هجرية، حسب رواية المؤرخ.
الشبكة الزايدية
ويروي ملين قائلا، لم تفتر همة الزايديين حتى بعد وصول العباسيين إلى الحكم سنة 750 هجرية، ورغم الهزائم والانقسامات قام محمد بن عبد الله النفس الزكية بمواصلة النضال فتحالف مع المعتزلة وحصل على تأييد كبار الفقهاء، وارسل الدعاة الى جميع الانحاء لاسيما إخوته ابراهيم وعيسى ويحيى وسليمان وإدريس، إدريس الذي من المرجح أنه ذهب الى المغرب مرة اولى.
وبعد سنوات من التحضير ،يضيف الباحث، أعلن محمد بن عبد الله الثورة سنة 762 هجرية، بصفته المهدي المنتظر، الا ان العباسيين سحقوه ونكلوا بالزايديين وبعد مقتله توالى عدة زعماء زايديين كان آخرهم الحسين بن علي، وبعد سحقهم من جديد في "معركة فخ"، لم يتبق من الزايديين الا القليلون من بينهم ادريس واخاه يحيى اللذان فرا الى شمال السودان الحالي ثم عادا الى الحجاز هناك بويع يحيى وبدأ يعد لثورة جديدة. وأرسل دعاة الى مناطق منهم اخاه ادريس الى بلاد المغرب.
اغتيال ادريس الاول
ويفسر المؤرخ أسباب اغتيال إدريس الاول، قائلا "بعد استتباب ادريس بالمغرب وحصوله دعم مجموعة من القبائل المغربية أصبح يشكل تهديدا على الخلافة في المشرق، وهو ما أقلق الخليفة هارون الرشيد فقرر إعادة النظام الى إفريقية لتحول دون وصول الدعم الزايدي الى المشرق" وأمر باغتيال إدريس الأول عبر تسميمه.
وهكذا ارتأى أتباعه متابعة الدعوة حفاظا على مصالحهم. ليتحول مشروع حشد الدعم والعودة الى المشرق للاستيلاء على الخلافة الى إمارة محلية صغيرة".
الجزء الأول : الحراك الآخر 1958 – 1959
الجزء الثالث : المخزن، معناه ومبناه
الجزء الرابع : هوس الخلافة : طموحات المغرب التوسعية في عصر الامبراطوريات
الجزء الخامس : مغاربة ضد الاستبداد : جذور المطالب الديموقراطية في الإيالة الشريفة
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.