استمرار الأزمة بين المحامين ووزير العدل.. احتجاجات وشلل في المحاكم للأسبوع الثاني

عبرت جمعية هيئات المحامين، في بلاغ، عن "أسفها الشديد لاستمرار السيد وزير العدل في حملته الإعلامية التي تستهدف مهنة المحاماة"، وأعلنت "تسطير برنامج نضالي تصاعدي" احتجاجا على ما وصفته بـ "حملة الاستهداف الممنهج لمهنة المحاماة وتغييب المقاربة التشاركية"، داعية إلى التوقف عن العمل طيلة يومي 08 و09 نونبر 2022، بجميع محاكم المملكة.
علاوة على ذلك، أعلنت المنظمة نفسها عن "عدم الاستجابة" لدعوة وزير العدل لحضور اجتماع اللجنة المشرفة على امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، المقرر يوم 09 يونيو، في ظل "استمرار حالة الاحتقان".
في سياق مرتبط، أعلنت العديد من هيئات المحامين في المغرب، عن تنظيم مظاهرات احتجاجية، ودعت هيئة المحامين بالرباط، إلى "التوقف الكلي عن العمل يومي الثلاثاء والأربعاء (..) مع الاستعداد للتوجه لتصعيد الاحتجاجات في حالة عدم التجاوب مع المطالب"، وفق ما جاء في بلاغ صدر اليوم 07 نونبر، يحمل توقيع النقيب عبد الإله عدنان.
أما هيئة المحامين بالدار البيضاء، فذهبت إلى التوقف الكلي عن العمل ابتداء من اليوم الإثنين، إلى غاية نهاية الأسبوع، باستثناء ما تعلق بالطعون والآجال، ودعت إلى المشاركة في وقفة احتجاجية يوم غد الثلاثاء، أمام البرلمان، على هامش مناقشة مشروع قانون المالية.
وتأتي هذه الاحتجاجات لتزيد الطين بلة في معركة كسر العظام بين وزير العدل وهيئات المحامين، وخلال الأسبوع الماضي، نظم أصحاب البذلة السوداء وقفات احتجاجية أمام المحاكم، ومقاطعة سجلات وصناديق المحاكم، ضد "التسبيق الضريبي" إضافة إلى مسودة قانون المحاماة، التي وضعها عبد اللطيف وهبي، ناهيك عن امتحان الأهلية المهنية.
تسريب مسودة قانون المحاماة
تمسكت جمعية هيئة المحامين بالمغرب، بـ "سحب مسودة قانون المهنة المسربة، والتشبث بضرورة إعمال المقاربة التشاركية لإصدار قانون يستجيب لتطلعات المحاميات والمحامين"، حسب بلاغ أعقب اجتماع طارئ للجمعية يوم 05 نونبر.
وكان تسريب مسودة قانون مهنة المحاماة، أعدتها وزارة عبد اللطيف وهبي، أثار غضب الهيئة المهنية للمحامين، معتبرة أن "التشريع لمهنة المحاماة، لا يمكن أن يكون في ظل إقصاء ممنهج للمؤسسات المهنية المنتخبة"، ورفضوا أن تكون هذه الوثيقة أرضية للنقاش.
وأعلنت نقابة المحامين بالمغرب "الرفض المبدئي والمطلق للمنهجية الأحادية التي سلكتها وزارة العدل في إعداد مسودة مشروع قانون المهنة الجديد، دونما اعتبار للمقاربة التشاركية الحقيقية والفعلية، والقائمة على الإصغاء والتشاور مع هيئات المحامين، وكذا جميع الإطارات المهنية للمحامين، وفي التفاف صارخ على المطالب المشروعة للمحاميات والمحامين"، حسب ما جاء في بلاغ سابق.
من جانبه، اغتنم وزير العدل فرصة جلسة مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة العدل والسلطة القضائية في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، يوم 04 نونبر، لينفي مسؤوليته عن تسريب نسخة من مسودة مشروع القانون المذكور، وقال في هذا السياق، "كتبنا مسودة مشروع قانون المهنة، وتم تسريبه، لكنني غير مسؤول عن التسريب"، مضيفا أنه أرسل نسخة منها إلى النقباء، لكنهم رفضوا الجلوس معه على طاولة الحوار.
المحامون يرفضون طريقة تنظيم مباراة الأهلية
لا يتردد المحامون في التعبير عن غضبهم من طريقة تنظيم مباراة شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، لهذه السنة، وعقب الإعلان عن المباراة، خرجت جمعية هيئة المحامين نهاية شتنبر، ببلاغ شديد اللهجة، جاء فيه أن تدبير وزارة العدل للملفات ذات الصلة بمهنتهم، "عرف في الآونة الأخيرة، منعطفاً خطيراً ينذر بانتكاسة غير مسبوقة، ويستدعي انتفاضة حقيقية للجسم المهني وتدبيرها بنفس نضالي، دفاعاً عن الحقوق والمكتسبات التاريخية لرسالة الدفاع".
وقالت المنظمة نفسها، حسب ما جاء في البلاغ، إنه "على الحكومة احترام التزامها الدولي بتوفير تكوين وتدريب ملائمين للمحامين، فضلاً عن القيام بالإصلاحات الهيكلية الضرورية الكفيلة بضمان الشروط المطلوبة لأداء رسالة الدفاع".
وتحتج هيئة المحامين على "اعتماد منهجية الأسئلة ذات الأجوبة المتعددة في إجراء الامتحان الكتابي للأهلية المهنية، والتي تكشف عن رغبة الجهة المنظمة في إفراغ المحاماة من حمولتها الحقوقية، القائمة على قدرة المحاميات والمحامين على امتلاك ناصية المنهجيات التحليلية والتركيبية، وبناء التصورات الكبرى لاستبدالها بمهنة وظيفية ترتكز على مهارات بسيطة وسطحية لا تتجاوز وضع علامة أمام أحد الأجوبة المختزلة المعروضة لسؤال جزئي وفقير معرفياً"، وفق الوثيقة المذكورة.
خلال جلسة مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة العدل والسلطة القضائية، الجمعة الماضية، أعاد وهبي التأكيد على أن إعلانه تنظيم امتحان ولوج مهنة المحاماة كان بطلب من عبد الواحد الأنصاري، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، معبرا عن استغرابه لإصدار الهيئة لبيان ضده بعد الإعلان تنظيم المباراة.
توافق ينهي أزمة "التسبيق الضريبي"
في نهاية الأسبوع الماضي، توصلت الحكومة، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، إلى اتفاق يضع حدا لأزمة "التسبيق الضريبي"، مما كان مؤشرا على نهاية وشيكة للاحتقان الذي أشعل فتيله مشروع قانون المالية لسنة 2023.
خلال اجتماع مساء الخميس 03 نونبر، بحضور عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، وفوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، وممثلي جمعية هيئات المحامين بالمغرب، اتفق الطرفان على وضع حد لإلزامية التسبيق الضريبي، واعتماد صيغ "توافقية"، تخيير المحامين بين أداء 300 درهم، كمبلغ ضريبي عن كل قضية موضوعة بشكل نهائي وشامل بمختلف درجات التقاضي، ابتدائي واستئنافي ونقض، أو خيار التصريح كل ستة أشهر بعدد القضايا.
ونص الاتفاق أيضا، على إعفاء الملفات المعروضة في إطار الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، وقضايا القرب، من الأداء الضريبي بشكل نهائي، إضافة إلى قضايا منازعات وحوادث الشغل التي تم إعفاؤها من الأداء إلى غاية تنفيذ الحكم، حسب ما أشرنا إليه سابقا.
واشتدت الأزمة بين أصحاب البدلات السوداء والسلطة التنفيذية، مشروع قانون المالية لسنة 2023، الذي نص على تسبيق ضريبي، يبلغ 300 درهم بالنسبة للقضايا المعروضة أمام المحاكم الابتدائية، و400 درهم في محاكم الاستئناف، و500 درهم بالنسبة لمحكمة النقض، وهو ما اعتبرته جمعية هيئات المحامين بالمغرب، مسا بحق المواطنين في اللجوء إلى القضاء.