الأساتذة المتعاقدون: الإدماج في الوظيفة العمومية أو النضال حتى الرمق الأخير
تَجَمَّعَ الآلاف من المتظاهرين أمام البرلمان بالرباط، يوم السبت 23 من مارس، واختتموا مسيرتهم باعتصام أمام البرلمان لوقت متأخر من الليل. إلا أن تم تفريقهم بسرعة، بخراطيم المياه والإكراه الجسدي من قبل قوى الأمن. إن مظاهرات 23 من مارس المنظمة بتزامن مع ذكرى 23 من مارس 1965، ليست سوى حلقة أخرى من حلقات شد الحبل والتصعيد بين الحكومة والأساتذة المتعاقدين التابعين للأكاديميات الجهوية، قنبلة موقوتة لحكومة العثماني التي وجدت نفسها أمام هذه المعضلة. ومازالت الحكومة تتخبط في محاولة لوصول الى حل لهذا الصراع المجتمعي الذي تخشى السلطات أن يتفاقم أكثر فأكثر... ولتحدي السلطات، نظمت مظاهرة أخرى يوم الأحد 24 مارس.
إنهم خمسون ألف أستاذ تم توظيفهم عن طريق التعاقد، وعكس باقي الأساتذة التابعين لوزارة التربية الوطنية، فإن هؤلاء تم تعيينهم عبر نظام التعاقد بمدة محدودة. حتى لو كانوا يتلقون نفس الراتب الذي يتلقاه زملائهم الموظفين في الوزارة، فإنهم لا يتمتعون بنفس الاستقرار ولا بنفس الحقوق في نظام التقاعد، وهو تمييز وحَيْفٌ لَقِيَ احتجاجا منذ مدة من قبل الأساتذة المتعاقدين الذين ما لبثوا يطالبون الدولة بإعادة تقييم ظروف عملهم.
عقود مُحَدَّدَة المدة لتعويض الخَصَاصِ من الأساتذة
تبدأ قصة هؤلاء الأساتذة في أكتوبر 2016، وهي فترة توقيع اتفاق مشترك، لم يتردد المتحدث باسم الحكومة آنذاك مصطفى الخلفي، في وصفه "كأكبر عملية توظيف بالتعاقد في قطاع التعليم" وكان الهدف المُصَرَّحُ به آنذاك، سد الخصاص من الأساتذة المُلاحَظ خلال الدخول المدرسي السابق. ولهذا، وحسب الاتفاق المشترك، بات في إمكان الأكاديميات الجهوية للوزارة التعليم توظيف أساتذة عن طريق التعاقد لسد الخصاص. وحسب تعليمات الوزارة الوصية على الأكاديميات، كان الأمر يتعلق بمباراة للتوظيف أساتذة السلك الابتدائي على المستوى الإقليمي بينما كانت مباراة التوظيف في السلكين الإعدادي والثانوي على المستوى الجهوي.
وحسب بنود الاتفاق فإنه ينص أن المباراة كانت ستتم في 7 الى21 يونيو2017، في المديرية التي يتم فيها إلحاق المتبارين في الأقاليم التابعة لمناطق سكنهم، على أن لا يتجاوز سن المتبارين 45 سنة. وإثر نجاحهم في المباراة، تلتزم الأكاديميات بضمان أجورهم انطلاقا من ميزانيتها. أما قيمة الأجور فهي تضاهي أجر أستاذ في السلم10 بالإضافة الى التعويضات العائلية و التعويضات على الإقامة ويستفيد المتعاقد بالإضافة الى هذا من نفس الحقوق في التكوين والترقية كتلك الخاصة بموظف تابع لوزارة التربية والتعليم.
عقود توظيف بمدة محددة وحرمان من الإدماج في الوظيفة العمومية
وبعد شهور من تولي مناصبهم، كانت خيبة الأمل كبيرة لدى هؤلاء الاساتذة. ومَرَدُّ ذلك الى التمديد الضمني للتعاقد من قبل جهتين( الأساتذة والأكاديميات) ويتم بعد مرور سنة بعد استشارة لجنة من الأطر. ويتضمن الاشعار بإلغاء العقد مدة ثمانية أيام عندما لا تتجاوز مدة التوظيف ستة أشهر وشهرا كاملا عندما تفوق ستة أشهر، دون أي تعويض. ونتج عن هذه الشروط، سخط كبير لدى الأساتذة المتعاقدين الذين اعتبروها بنودا جد مُجْحِفة في حقهم. ووصل الأمر الى حد إيهام مجموعة منهم أن التعاقد يمكن أن يمتد الى مدة غير محدودة بعد نجاحهم في امتحان الكفاءة لكن دون ادماجهم في الوظيفة العمومية.
وهكذا كان الحل الذي يقترحه هؤلاء الأساتذة الذين يمثلون ثلث الشغيلة التعليمية بالمغرب، هو إدماج مباشر في الوظيفة العمومية دون المرور بالمباراة باعتبار نجاحهم في مباراة يونيو 2017.
إلغاء كلمة "متعاقد" وتعويضها ب"إطار تابع للأكاديميات الجهوية"
وبتزايد عدد الأساتذة المتعاقدين تخلت الحكومة في 13 من مارس، عن صفة "متعاقد", في محاولة منها للتوصل الى تسوية مع المتعاقدين. وتم تدارك هذا الوضع بتنزيل قرار من الأكاديميات الجهوية للتعليم والتكوين التي قررت إعادة النظر في هذه "الصفة" والاهتمام بوجه خاص ببنود إلغاء العقود. وبات أولاءك الذين يسمون بأُطُر الأكاديميات الجهوية، يستفيدون بنفس "وضعية وصفة" موظفي وزارة التربية الوطنية ولكن مع بعض الاختلافات.
بالإضافة الى الانكباب على بنود إلغاء العقود، طالت الإصلاحات أيضا بنود التعاقد نتيجة المرض وشروط الالتحاق بالوظيفة وحق مزاولة نشاط آخر غير التدريس شريطة أن يكون غير مُدِرٍّ للدخل وكذا الحق في الانتقال وأخيرا الترسيم المباشر بعد الإدماج كإطار في الأكاديميات.
كل هذه الاصلاحات ردت الاعتبار للأستاذ "المتعاقد" ولكنها لم تمنحهم الاستقرار الذي يصبون اليه والذي يتمتع به موظفو وزارة التربية الوطنية. وأمام هذه القرارات، قامت تنسيقيات الاساتذة المتعاقدون بالرفض التام لكل هذه الإصلاحات والمناداة الى مظاهرات 24 مارس، بالإضافة الى إضراب عن العمل منذ 3مارس الجاري بل وهددوا بإلغاء السنة الدراسية (سنة بيضاء).
وما لبث أن وجد الاساتذة المتعاقدون دعما لدى النقابات الكبرى ( الجامعة الوطنية للتعليم والنقابة الوطنية للتعليم والجامعة الحرة للتعليم) وخلال اجتماع مع وزير التعليم سعيد أمزازي في 10 مارس رفضت الاقتراحات ا14 التي اقترحتها الحكومة. مما شكل عنصرا محفزا للأساتذة المنضوين تحت لواء التنسيقية الوطنية جد نشيطين على صفحات الفيسبوك....ويوم الاثنين25 مارس، فشل الوزير مرة ثانية في إقناع الأساتذة عن العدول عن مطالبهم...
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.