الاعتداءات الجنسية للقبعات الزرق المغربية: غيوم سورو يكشف المستور…

إثر استبعاده من اجتماع الجمعية البرلمانية الفرنكوفونية، المنعقدة في الرباط يومي 14 و 15 يونيو المنصرمين، قام غيوم سورو، الذي شغل منصب رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق لوران غباغبو (2007 إلى 2012) والرئيس السابق للجمعية الوطنية للكوت ديفوار (2012 إلى 2019)، بنشر تدوينة مطولة على الفيسبوك يوم 20 يونيو، يهاجم فيها خصومه.
وكان لتدوينته وَقع الصاعقة، إذ كشف فيها حقائق مثيرة حول علاقته بالمغرب، وخاصة الدور الذي لعبه في فضيحة الاعتداءات الجنسية التي نسبت لعناصر من الوحدة العسكرية المغربية المشاركة ضمن فريق القبعات الزرق الأممي المتمركزة في كوت ديفوار ما بين 2004 إلى 2017.
هذه الخرجة العلنية تأتي في سياق تنافسه مع أمادو سوماهورو، الذي خلفه على رأس الجمعية الوطنية الإيفوارية، بدعم من الرئيس الحسن واتارا، لرئاسة اجتماع الجمعية البرلمانية الفرنكوفونية، الذي استضافت الرباط ممثليه الأفارقة.
ونجد على محك هذه المنافسة، منصب رئاسة الهيئة الاستشارية الفرنكوفونية الذي يطمح له سورو. فمن المزمع تعيين خليفة للكِيبِيكِي فرانسوا باراديس على رأس الهيئة الاستشارية للفرنكوفونية، في شهر يوليوز القادم. ويعد سورو من أبرز منافسي الحسن واتارا في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولقد استمد هذا الأخير نفوذه من كونه كان رئيسا للقسم الافريقي في الجمعية البرلمانية الفرنكوفونية، وكونه النائب الأول لهذه الهيئة. لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، ففي نهاية الأسبوع الماضي، أعلن مقربون من أمادو سوماهورو الإطاحة بسورو، بل وزعموا أنه تَمَّ "إجلائه" من قبل الشرطة المغربية في الرباط. وهي حقيقة أنكرها المعني بالأمر، حيث صرح مكتبه الإعلامي أنه غادر المكان من تلقاء نفسه بعد اتصاله بالملك محمد السادس.
ولكي يطمئن مؤيديه حول نوعية العلاقات التي تربطه بالرباط ومع الملك شخصيًا، قدم سورو معلومات عن الدور الذي كان يلعبه في الماضي لصالح المملكة ...
فبالنسبة إلى غيوم سورو، فإن "تجربته الأولى في التعاون الحقيقي مع المغاربة، تعود إلى أوائل الألفية الثانية". في ذلك الوقت، عانت ساحل العاج من حرب أهلية. متزعما ميليشيا متمردة تسيطر على شمال البلاد، عرفت بالحركة الوطنية لكوت ديفوار، شعر سورو بالقلق الشديد جراء وجود وحدة للأمم المتحدة لحفظ السلام، ضمنها فرقة من القبعات الزرق بقيادة العقيد الرائد عبد السلام كدالي.
وكتب سورو " في يوم من الأيام، أرادت شعبة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تقديم شكوى ضد المجموعة المغربية في بواكي، مما كان سيتسبب في تشويه سمعة الجيش المغربي".
القضية التي يعود تاريخها إلى سنة 2005 ، تتعلق بشكوك حول اعتداءات جنسية قام بها جنود مغاربة (والتي أشار إليها سورو من خلال اقتباس مقال من راديو فرنسا الدولي) التي خشي الضابط المسؤول من تداعياتها على القوات المسلحة الملكية ، حسب مزاعم سورو.
"لقد شاركته قلقه، وصدقا، كان هناك خلل : لم أكن أفهم كيف رغبت الأمم المتحدة في تقديم شكوى دون طلب رأيي بصفتي أمينًا عامًا للحركة الوطنية لساحل العاج، وأنا الذي كنت أدير المنطقة آنذاك" يضيف سورو.
طعن سورو في مزاعم محققي الأمم المتحدة وذلك لإجهاض تحقيقاتهم، دعماً للفرقة العسكرية المغربية. وذكر قائلاً "ثم نشرت بيانا علنيا للدفاع عن سمعة القوات المغربية دحضت فيه مزاعم محققي الأمم المتحدة".
وحسب سورو، استحسن الملك "كثيرًا" هذا الموقف، وقال لي خلال لقاء به على هامش مؤتمر الدول الاسلامية الذي عقد بداكار، بعد أن دعاني الوزير الأول آنذاك، الطيب الفاسي الفهري للقائه شخصيا : "سيد سورو، أعرف ما الذي فعلته من أجل شرف الجيش المغربي، والآن أنت صديق المملكة وأنت ضيفي الخاص، أدعوكم للإقامة قريباً في المغرب حيث ستكونون موضع ترحيب".
"لقد شعرت بالدهشة لأنني لم أعلم كيف استحققت معاملة كهذه، لقد شكرت جلالة الملك ". (...) " وعادت إلى ذهني ذكرى حادثة فرقة القبعات الزرق المغربية، أيقنت أن الموقف الذي اتخذته ببراءة، قبل وقت طويل، جلب لي الكثير من اهتمام جلالة الملك، وأعتقد أن الوزير الطيب الفاسي الفهري قد ذكّر الملك محمد السادس بذلك" يضيف سورو في شهادته.
يواصل سورو قائلا : "لقد سُررت كثيرًا لامتنان وتواضع جلالة الملك والذي لم يكن ضروريا، هل ما اعتبرته في السابق حدثا عابرا، بات قضية دولة؟ واكتشفت هنا أن الجميل لا يضيع أبدا، إذا ما قُدِّمَ بكل إخلاص."
وواصل سورو حكايته حول زيارته للمغرب بعد الدعوة الملكية، واجتماعاته مع إدريس جطو الوزير الأول آنذاك ومحمد بن عيسى الذي كان يترأس الدبلوماسية المغربية في ذلك الحين ...
ويضيف سورو "منذ ذلك التاريخ اعتدت الذهاب إلى المغرب بانتظام، لقد سافرت إلى هذا البلد في العديد من المناسبات، وفي كل مرة ألاقي ترحيبا من جلالة صاحب الجلالة وبعض أصدقائي (الذين لن أذكرهم حتى لا أثير الغيرة "السوداء"). لا أستطيع أن أفصح هنا عن كل المجاملات والترحيب الذي ألقاه من أصدقائي المغاربة. ولا يزال بإمكاني الكتابة أكثر فأكثر عن إقاماتي المختلفة في المغرب".
في ما تبقى من تدوينته الفيسبوكية فإن غيوم سورو، قام بمقارنة لا تجوز بين "الانقلاب الفاشل في الرباط" الذي استهدفه في سباقه لرئاسة الجمعية البرلمانية الفرنكوفونية ومحاولة انقلاب الطيارين ضد الحسن الثاني سنة 1972 ... وهكذا وعد المتمرد السابق الذي بات فاعلا محوريا في الحروب السياسية الداخلية بساحل العاج، بكشف المزيد من الحقائق ...