التعليم، الصحة …: أزمات اجتماعية بسبب املاءات صندوق النقد الدولي (وثيقة)

نشر صندوق النقد الدولي في ملحق تقريره الأخير عن المغرب، رسالة موجهة إلى مديرته كريستين لاجارد، من طرف وزير الاقتصاد والمالية محمد بنشعبون ووالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري نهاية نونبر 2018.
تتضمن الوثيقة، التي نشرها موقع Le Boursier، قراءة شاملة لإنجازات الاقتصاد المغربي سنة 2018، وتسرد لائحة الإصلاحات التي قامت بها المملكة في مجالات الميزانية والنقد وفي قطاعات الفلاحة، الإدارة، العدالة والتعليم. والتأكيد على التزام الرباط باستكمال هذه الإصلاحات، وبعدم اللجوء إلى الاحتياطات والسيولة الطويلة الأجل التي منحها صندوق النقد الدولي للمغرب.
وقد طلب المغرب بهذه المناسبة، تجديد الخط الائتماني له والبالغ 2.97 مليار دولار على مدار 24 شهرًا، مع إمكانية وصول منخفضة، مبررا الأمر في الرسالة بأن "المغرب يعتزم استخدام هذا الخط كإجراء وقائي والاستفادة منه فقط في حالة حدوث صدمات خارجية كبيرة"، وهو الطلب الذي تمت الموافقة عليه من قبل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 17 دجنبر 2018.
كما كتب المسؤولون المغاربة إلى المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي "نحن ملتزمون باتخاذ أي تدابير إضافية قد تكون ضرورية لهذا الغرض".
رغم عدم اعتماد المغرب على الخطوط الائتمانية السابقة، إلا ان صناع القرار في المملكة يرون أنه من الضروري تجديدها بسبب "استمرار المخاطر الخارجية الناتجة أساسا عن ارتفاع أسعار النفط بشكل خاص، التوترات الجيوسياسية، الحمائية المتزايدة، بطء النمو في منطقة اليورو وفي البلدان النامية".
وعلى هذا النحو، تظهر التزاماتهم المدرجة في هذه الوثيقة غير المنشورة، أن معظم التوجهات الاقتصادية تتوافق مع أجندة الليبرالية الجديدة لصندوق النقد الدولي ومتطلباتها الجذرية. "ركزت أجندة الليبرالية الجديدة على الحد من العجز في الميزانية بكل الوسائل، والحفاظ على معدل التضخم في مستويات منخفضة للغاية، وخصخصة الخدمات والمؤسسات العامة، وتحرير سعر الصرف ...".
إحدى هذه القيود النقدية خلفت اليوم غليانا اجتماعيا حول أزمة الاساتذة المتعاقدين، على غرار ما يمكن أن يلاحظ في القطاع الصحي، إذ يرغب الوزير أنس الدكالي في اللجوء أيضًا إلى التوظيف بالتعاقد على نفس الشكل.
في الواقع هذا هو الوعد الذي تم قطعه لصندوق النقد الدولي بالحفاظ على فاتورة الأجور في الدولة بأقل من 10.5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط. وستتخذ الحكومة التدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف، كما أكد ذلك بنشعبون والجواهري في خطاب النوايا. "سيتم تحقيق هذا الهدف من خلال إصلاح وتحديث إدارة الموارد البشرية، وتعزيز النزاهة في الوظيفة العمومية، وتطوير الإدارة العمومية من خلال رقمنتها وتبسيط اجراءاتها". أما بالنسبة للموظفين الجدد، فقد أكدوا بالمطلق أن التركيز سيكون على العمل التعاقدي، الذي يوجد إطار قانوني ينظمه بالفعل، على حد قولهم.
وبالتالي، فإن مسؤولية التوترات الاجتماعية المتزايدة في الأشهر الأخيرة لا ترجع إلى إخفاقات بسيطة في الحكامة الناتجة عن السياسة التي ينفذها حصراً هذا المدير أو ذاك في قطاع التعليم والصحة على وجه الخصوص، ولكن ذلك مرده تتبع إملاءات منظمة بريتون وودز التي التزمت بها الحكومة، كما يتضح من الوثيقة المعنية، اتفاقية لم يناقشها نواب الأمة لا شكلا ولا مضمونا.