الرباط.. عقار « محطة القامرة » موضوع صراع حاد بين المعارضة وأسماء غلالو
أشرف الملك محمد السادس، يوم 28 نونبر 2022، على افتتاح المحطة الطرقية الجديدة بالرباط، التي تندرج في إطار أهداف البرنامج المندمج لتنمية المدينة "الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية"، في حدث لقي ترحيبا كبيرا من طرف ساكنة وزوار العاصمة، حيث تتولى شركة التنمية المحلية "الرباط المسافر" تسيير هذا المرفق الجديد.
ومع ذلك، عادت المحطة القديمة بالقامرة، لتتصدر مشهد الأحداث، بعد قرار جديدة لمجلس جماعة الرباط، بحل الشركة المسيرة لها، ودعوات المعارضة إلى "عدم التفريط السهل" في العقار و القطعة الأرضية التي بنيت عليها؛ في حين أن أسماء غلالو، تفكر في مشروع جديد موجه للشباب.
حل الشركة المسيرة لـ "محطة القامرة"
صادق مجلس جماعة الرباط، خلال الجلسة الأولى من دورة فبراير، المنعقدة يوم الثلاثاء الماضي، على حل شركة المساهمة "المحطة الطرقية للمسافرين بالرباط الكائنة بالقامرة"، وهي الشركة التي كانت تتولى تدبير هذه المحطة، قبل أن تهجرها الحافلات والمسافرون.
قرار لم يمر بهدوء، أمام تعالي أصوات فرق المعارضة، التي اعتبرت أن هذا الإجراء ليس من صلاحيات المجلس الذي ترأسه التجمعية أسماء غلالو، بل يخضع للقانون المنظم للشركات المساهمة.
قبيل ذلك، طالب فريق العدالة والتنمية، رئيسة مجلس جماعة الرباط، بسحب هذه النقطة من جدول الأعمال، بدعوى أنها ليست من اختصاصه، وأن ذلك يشكل مخالفة لمقتضيات المادة 41 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، مشددا على أنه لا يمكن الاستناد في ذلك على مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 131 من ذات القانون التنظيمي، لأن الأمر يتعلق بشركة مساهمة.
وبالنسبة للفريق الذي يرأسه أنس الدحموني، فإن حل الشركة، بما يعني إيقاف عملها، يمكن تقريبه من "الفسخ المسبق"، والذي تنص عليه مقتضيات المادة 46.2 من النظام الأساسي للشركة، والذي "كان يلزم الرئيسة التقيد به".
فريق حزب "المصباح" في الرباط، دعا رئيسة المجلس الجماعي، إلى البت في موضوع حل الشركة بعد الإتيان في دورة لاحقة، بـ "صيغة ملائمة للمقتضيات القانونية"، وهو ما لم يحدث، بعد أن قررت أغلبية المجلس المضي قدما في المصادقة على القرار.
و"المحطة الطرقية للمسافرين بالرباط الكائنة بالقامرة"، هي شركة مساهمة، يبلغ رأسمالها خمسة ملايين درهم، حسب منصة "شركة"، يساهم فيه مجلس جماعة الرباط بـ 20 في المائة، والشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية بنسبة 20 في المائة، والخواص بـ 60 في المائة المتبقية، حسب ما أكدته لنا مصادرنا في مجلس جماعة الرباط.
وبالنسبة لفريق الـ "PJD"، فإن "المجلس لا صلاحية له في حل الشركة، بل بيد جمعها العام"، حسب ما أفاد به لحسن العمراني، العضو في المجلس الجماعي للرباط، عن حزب العدالة والتنمية، في تصريح خص به موقع "لوديسك".
وأشار المتحدث نفسه إلى أن "ما كان يجب أن تقوم به الجماعة هو أن يتخذ المجلس قرارا بالانسحاب من رأسمال الشركة وتفويض الرئيسة للدعوة للجمع العام الذي سيتخذ قرار الفسخ المسبق للشركة"، وزاد : "المجلس ليس من حقه حل شركة يملك الخواص 60 في المائة من رأسمالها، ماذا إذا رفضوا؟ ذلك قرار للجمع العام"، وفق تعبيره.
وإذا كان قرار حل الشركة المساهمة المذكورة، مرتبطا بانتهاء الغرض منها، الذي هو تسيير المحطة الطرقية السابقة بالقامرة، فإن المعارضة تسطّر على تفاصيل أخرى، تتعلق بمصير العقار.
دعوات لعدم "التفريط السهل" في العقار
بالنسبة لفريق الـ "المصباح"، فإن "الإشكال الذي يجب طرحه"، هو أنه بعد حل شركة "المحطة الطرقية للمسافرين بالرباط الكائنة بالقامرة"، فـ "من الناحية القانونية، ستتوزع ممتلكاتها أو ديونها على الشركاء حسب مساهماتهم في الرأسمال".
وفي هذا السياق، صرّح لحسن العمراني، العضو في المجلس الجماعي للرباط، "نحن نقول أن هذا لا يعني أن الخواص يجب أن يحصلوا على 60 في المائة من العقار الذي بنيت عليه الشركة، هذا هو أخطر شيء في الموضوع، لذلك طالبنا الرئيسة باتخاذ التدابير القانونية لكي لا يتم التفريط السهل في ذلك العقار".
وأضاف العمراني أن "تأسيس الشركة، جاء بعد إحداث المحطة وتشغيلها، حيث كان هذا العقار عموميا"، وزاد : "إذا أردنا أن نتعامل مع هذا الموضوع بطريقة ضيقة، سنقول أن الشركة توقفت، وأن أملاكها سيتم توزيعها، وبالتالي سيذهب 60 في المائة من ذلك العقار إلى الخواص"، ليستدرك مصدرنا بالتأكيد على أنه "إذا كان هؤلاء الخواص قد ساهموا في اقتناء العقار، فذلك حقهم، لا ننازعهم فيه، ولكن معطياتنا تقول بأن ذلك العقار، هو عقار عمومي، وبالتالي على الجماعة اتخاذ التدابير القانونية لاسترجاعه كاملا".
وأورد فريق "المصباح" في السابق أن العقار الذي أقيمت عليه المحطة، كان "موضوع مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة".
فريق حزب العدالة والتنمية تمسّك بضرورة الحفاظ على هذا العقار "ملكا عموميا للدولة، بغض النظر عن مالكيه من أشخاص القانون العام"، ونبّه مما وصفه بـ "مغبة التفريط السهل فيه".
ليس الحزب ذي المرجعية الإسلامية بالوحيد الذي طرح علامات الاستفهام حول مصير هذه الملكية، إذا سبق لمستشاري فيدرالية اليسار الديمقراطي في مجلس جماعة الرباط، أن طرحوا سؤالا كتابيا على أسماء غلالو، في 23 غشت 2022، حول مآل المحطة الطرقية القديمة بالقامرة، وفي بيان صدر أمس الثلاثاء، قال رفاق عمر الحياني، إن الرئيسة "اكتفت" بالجواب أن "الغيب علمه عند الله".
وفي هذا السياق، أكد لنا فاروق المهداوي، المستشار عن فيدرالية اليسار الديمقراطي في مجلس جماعة الرباط، أن فريقه أعاد طرح سؤال، في الدورة الأخيرة، حول مصير ممتلكات هذه الشركة بعد حلها، و"ما إذا كانت ستعود إلى الجماعة، أو سيتم بيعها، أو تفويضها لجهات معينة؟"، مشيرا إلى أنهم "لم يتلقوا جوابا".
توضيحات العمدة.. حل الشركة "طبيعي جدا" ومشاريع جديدة تلوح في الأفق
بالنسبة لرئيسة مجلس جماعة الرباط، فإن قرار حل شركة "المحطة الطرقية للمسافرين بالرباط الكائنة بالقامرة"، "أمر طبيعي جدا"، وأبرزت في تصريح خاص لموقع "لوديسك"، أن إصدار هذا القرار، يأتي في إطار انتفاء الغرض من الشركة، بعد افتتاح المحطة الجديدة التي تتولى شركة التنمية المحلية "الرباط المسافر" تسييرها، وبالتالي، فإن المحطة السابقة، وبعد أن "فتحت بقرار في 1983، أغلقت بقرار الآن".
وتعليقا على مواقف المعارضة، التي تعتبر بأن قرار حل الشركة ليس من اختصاص مجلس الجماعة بل يعود إلى جمعها العام، أكدت عمدة الرباط، أن اتخاذ هذا القرار يأتي من كون الجماعة التي ترأسها تملك 20 في المائة من الشركة، أي أنها في موقع الأقلية، مشددة على أن الموضوع بالنسبة لها "انتهى".
ولم تفوت الرئيسة التجمعية الفرصة، للإشادة بالمحطة الجديدة التي دشنها الملك، مشيرة إلى أنها تضم وسائل متقدمة، وتأتي في حلة "تليق بمدينة الأنوار وساكنة الرباط"، كما تقطع مع الممارسات القديمة وسلوكيات الوسطاء.
وحول الرؤية المستقبلية لمآلات المحطة القديمة بالقامرة، أكدت لنا أسماء غلالو، أنه يتم حاليا "الاشتغال والتفكير" في المشروع الذي سيتم إحداثه في المكان، وصرّحت في هذا الصدد، إن "التفكير ينصب على أنه إذا كان هناك مشروع، فسيكون لمصلحة الشباب، الأولية بالنسبة لنا هي الشباب".
وفي السياق ذاته، أشارت المتحدثة نفسها إلى أن مقر القامرة "ليس تراثا، لأنه من 83 إلى الآن ليس قديما جدا"، وزادت : "لم نعلن بعد طبيعة هذا المشروع، لأنه في طور الدراسة، لا يمكن التحدث في الموضوع دون التوفر على المعطيات كاملة".
جوابا على سؤال "لوديسك" عما إذا ما كانت القطعة الأرضية التي تضم المحطة القديمة ستبقى ملكا عامّا؟ ردت أسماء غلالو : "لا زلنا لا نعلم (..) لم نقرر كمجلس بعد بهذا الخصوص، التصورات لم نضعها بعد 'Noir sur blanc'"، تختم.
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.