القدس: المخابرات المصرية في خدمة إسرائيل

كشف تقرير حصري، نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أن ضابطا من المخابرات المصرية اتصل سرا بمقدمي عدد من البرامج الحوارية المؤثرة في مصر، ليطلب منهم إقناع المشاهدين بقبول الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة إسرائيل، بدلا من إدانته.
وحسب التسجيلات الهاتفية التي حصلت عليها الصحيفة، فقد قال الضابط أشرف الخولي، في إتصال هاتفي مع المنشطين الذين اتصل بهم، بأن "مصر، وعلى غرار جميع أشقائنا العرب، تندد بالقرار علنا"، موضحا أن "الصراعات مع إسرائيل لا تصب فى مصلحة الأمن القومي المصري"،إذ قال الخولي : "نحن مثل جميع الأشقاء العرب ندين هذا الأمر، ولكن بعد ذلك سيصبح القرار واقعا والفلسطينيون لن يستطيعوا مقاومته ولا يريدون خوض الحرب، لدينا ما يكفي في هذا الشأن كما تعلمون".
قبل أن يضيف أنه "بدلا من إدانة القرار، يتعين عليكم إقناع المشاهدين بقبول هذا القرار"، وأنه "الفلسطينيين بإمكانهم الإكتفاء بعاصمة رام الله في الضفة الغربية التي تقع تحت حكم السلطة الفلسطينية حاليا".
وفي حديثه مع الإعلامي عزمي مجاهد، أضاف أشرف الخولي نقطة أخرى، إذ اتهم العدو الإقليمي لمصر، أمير قطر تميم بن حمد، بأنه من تعاون مع إسرائيل وأنه المذنب في هذه القضية، وطلب منه الإشارة إلى "عدو مصر الحقيقي" قائلا : " ستقول إن لتميم وقطر علاقات سرية مع إسرائيل، أنت تعرف ذلك وتعرف كيف يجب عليك قوله".
"روابط واضحة" أذعنت مجاهد، الذي ردد " بكل سرور، لي الشرف طبعا ان أقوم بذلك، سأدرجها في الحلقة القادمة بإذن الله ".
وأكدت الصحيفة، أن ضابط المخابرات المصرية تساءل أربع مرات في التسجيلات التي حصلت عليها الصحيفة "بماذا تختلف القدس عن رام الله؟ حقًا"، ليرد عليه الإعلامي عزمي مجاهد، الذي يقدم برنامجا على احدى القنوات المصرية بالقول "بالضبط".
وطلب الخولي من الإعلاميين، محاولة إقناع المواطنين بتقبله عن طريق تمرير رسائل ضمنية دون قول ذلك علنا، والاقتراح على الفلسطينيين بالقبول برام الله عاصمة، كونها المدينة التي تضم مباني السلطة الفلسطينية، والتسويق لها بوصفها عاصمة بديلة.
وكشفت الصحيفة، أنه بالإضافة إلى المكالمة التي تخص عزمي مجاهد، تم تقديم ثلاثة تسجيلات صوتية أخرى لمحادثات هاتفية مماثلة للضابط الخولي، إلى صحيفة "نيويورك تايمز" من قبل وسيط داعم للقضية الفلسطينية ومعارض للرئيس السيسي، ولا يمكن تحديد أصل التسجيلات.
أول التسجيلات، كانت لمجاهد عزمي الذي قال أن موافقته على ما قاله أشرف الخولي نابع من تقييمه الشخصي للموضوع، وذلك لعدم رغبته في اندلاع انتفاضة ثالثة تولد موجة عنف جديدة.
وقال عزمي مجاهد : "أنا وأشرف أصدقاء ونتحدث طوال الوقت "، وتابع "انتفاضة أخرى ستكون سيئة في الوقت الحالي، وليست لدي أي مشكلة في أن أقول كل الأشياء التي سمعتها في المكالمة علنا".
وتابع مجاهد "علينا تجميع كل أولئك الذين يريدون الذهاب للقتال في القدس ووضعهم في حافلات توصلهم للقدس فعلا، الناس يحبون ترديد الشعارات أما أنا فتهمني مصلحة بلدي".
والتسجيل الثاني كان للإعلامي مفيد فوزي، الذي نفى مشاركته في مثل هذه المحادثة وأغلق الهاتف على الفور.
أما التسجيل الثالث، فقد كان للإعلامي وعضو البرلمان سعيد حساسين، الذي بدوره رفض التعليق على التقرير للصحيفة، بعد أن اتصل به أحد الصحفيين حول التسجيلات.
والتسجيل الرابع والأخير، للفنانة يسرى، التي تقدم برنامجا حواريا خاصا، ولم يتسن للصحيفة التواصل معها للتعليق على التقرير.
وأشارت الصحيفة، إلى أن التسجيلات تتطابق مع التسجيلات العامة لأصواتهم، ونقاط النقيب خولي في كل التسجيلات تتبع نفس خطوط حواره مع السيد مجاهد، إذ بدأ الخولي محادثته مع حساسين أيضا بنفس الطريقة قائلا "اتصلت فقط لأخبرك بالموقف الرسمي لتنقله في حال أجريت مقابلة أو قدمت برنامجا على التلفزيون، وأخبرك كذلك بموقف جهاز الأمن المصري وكيف يمكن لمصر أن تستفيد من إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، حسنا؟"، ورد حساسين "أنا تحت أمرك".
وقال الخولي "شأننا شأن أشقائنا العرب، نحن نستنكر هذا القرار، لكن لاحقا سيصبح القرار واقعا ولا يمكن للفلسطينيين مقاومة ذلك ولا نريد إعلان الحرب، نملك ما يكفي للاهتمام به وأنت تعرف ذلك".
وأضاف "النقطة الأخطر بالنسبة لنا هي الانتفاضة، اندلاع انتفاضة جديدة لن تخدم مصالح الأمن القومي المصري، لأن الانتفاضة ستعيد إحياء الإسلاميين وحماس، حماس سوف تولد من جديد مرة أخرى".
واختتم ضابط المخابرات المصرية المحادثة بالقول "في نهاية الأمر، في وقت لاحق، بماذا تختلف القدس عن رام الله؟ المهم هو إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، في النهاية ستصبح رام الله عاصمة الفلسطينيين وينتهي الصراع ولن يموت أي شخص آخر، هذا ما سنفعله"، وأضاف أن "التنازلات لا بد منها، وإن كان قبول رام الله عاصمة لفلسطين بإمكانه إنهاء الحرب، فإننا نستطيع أن نختار هذا الحل".
وتعهد الثلاثة الآخرون بتنفيذ أوامر ضابط المخابرات المصرية ونقل هذه النقاط إلى المشاهدين، حتى أن مجاهد قال في برنامجه إن "قضية القدس باتت قديمة".
وذكرت الصحيفة أنها طلبت من متحدثين باسم الحكومة المصرية التعليق على هذا التقرير، لكنهم لم يردو، بينما تعذر الوصول إلى الظابط الخولي.
ويقاتل الجيش المصري منذ أكثر من أربع سنوات ضد التمرد الجهادي بشكل رئيسي في شمال سيناء، الذي بدأ في عام 2013 مع إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي من قبل الجيش، وتتهم السلطات المصرية أحيانا حماس التي تسيطر على قطاع غزة بالتشجيع على العنف ضد الحكومة المصرية.
لقراءة المقال على صحيفة نيويورك تايمز
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.