S'abonner
Se connecter
logo du site ledesk
بالعربية
مختارات لوديسك بالعربية

Connectez-vous

Mot de passe oublié ?

Abonnez-vous !

Découvrez l'offre de lancement du Desk

60 DH
1 mois
Découvrir les offres
08.03.2018 à 09 H 40 • Mis à jour le 08.03.2018 à 09 H 42 • Temps de lecture : 1 minutes
Par

المساواة في الإرث (ج.1): نحو تجاوز العوائق الابستيمولوجية

بادرت تونس مؤخرا إلى إقرار قانون المساواة في الإرث، ما خلف جدلا كبيرا في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، ولدى المؤسسات الدينية. جدال لم يكن وليد اليوم، إذ اشتعلت جذوته منذ عقود في عدد من البلدان. والمغرب بدوره لم يشذ عن هذا الوضع إذ تعالت الأصوات منذ الخمسينيات داعية إلى مراجعة قوانين الإرث. واليوم في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع المغربي، وفي ظل النقاش الذي عاد من جديد حول الموضوع، وإسهاما فيه، ومحاولة للإحاطة بإشكالياته ومقاربته من زواياه المتعددة، نبدأ في نشر سلسلة مقالات حول الموضوع على موقع لوديسك

تعتبر محاولة مقاربة المساواة في الإرث محفوفة بمخاطر عدة، وذلك بسبب تعقد مستويات وزوايا النظر إلى الموضوع، ما جعل منه موضوعا إشكاليا بامتياز، زادت من حدته التموقعات والقوالب الجاهزة والتقاطبات التي يفرضها أو يفترضها النقاش حوله، هذا الأخير الذي كثيرا ما ينزلق ليصبح نوعا من "البولميك" أو السجال، الذي يرتكز على إبطال حجة الخصوم ودحضها، والدخول في الردود والردود المضادة، أكثر من الانشغال بالبرهنة على حقيقة، أو التأسيس لنوع من المعرفة، أو الاهتمام بالسياقات والاشكاليات الحقيقية، ما يجعل النقاش في أحيان كثيرة يدور حول أسئلة مزيفة ومنطلقات ونتائج خاطئة، لا تؤسس لفعل معرفي قدر تأسيسها لتقاطبات ايديولوجية ما تلبث أن تخمد حتى تشتعل من جديد.


يمكن في هذا السياق، أن نأخذ كنموذج لهذه التقاطبات ذاك النقاش الحاد الذي أعقب إصدار المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب لتقرير حول وضعية المناصفة في 19 أكتوبر 2015، وضمنه توصية حول المساواة في الإرث، والتي قال في إحداها بضرورة تفعيل المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، من خلال تعديل مدونة الأسرة والمساواة في مجموعة من الحقوق ومن بينها الإرث.


لقد أثارت هذه التوصية بالضبط ضجة كبيرة، رغم ورودها من بين 96 توصية أخرى تضمنها التقرير، وتسببت في توتر بين عدد من مؤسسات الدولة، إذ سيخرج رئيس الحكومة آنذاك لانتقاد التوصية، بل ومطالبة المجلس الوطني لحقوق الانسان بالاعتذار للشعب المغربي، في حين انهمرت أقلام عديدة ضد التوصية تمادى بعضهم في إلصاق الاتهامات بهذه المؤسسة، وصل أحدها إلى اتهامه بأنه يحاول من خلال توصيته تغيير طبيعة بنية النظام السياسي في المغرب، إذ ومن خلال هذه التوصية سيصبح من حق الإناث وراثة الحكم، وهو ما يمس جوهر نظام الحكم في المغرب !؟ أما آخرون، فقد ذهبوا إلى أنه ليس من صلاحية المجلس الوطني لحقوق الانسان إصدار هذه التوصية لأنها تتنافى مع اختصاصاته، هذا عدا عن مقالات مهيجة انتشرت في المواقع والجرائد الالكترونية والورقية، ودعاوى تكفير "بشكل غير مباشر" صدرت عن بعض الشيوخ.


لقد تناسى متهمي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بسعيه إلى التغيير من طبيعة بنية النظام السياسي، أنه ثمة فرق شاسع بين الإرث وبين الإمامة، وإلى أن ولاية العهد لا تنطبق عليها أحكام الميراث، وأنه لا قياس مع وجود الفارق طبقا للقاعدة الشهيرة، وإلى أن ولاية العهد مرتبطة بالبكورية في السن، مع إمكانية اختيار الملك لولي العهد من غير ابنه البكر.


أما من اعتبروا أنه ليس من اختصاص المجلس التوصية بتعديل قوانين الإرث فقد تجاهلوا المادة 13 من ظهير تأسيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي ورد فيها بالحرف "يتولى المجلس بحث ودراسة ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبالقانون الدولي الإنساني، التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها، وكذا في ضوء الملاحظات الختامية، والتوصيات الصادرة عن أجهزة المعاهدات الأممية الخاصة بالتقارير المقدمة لها من لدن الحكومة.


يقترح المجلس كل توصية يراها مناسبة في هذا الشأن، ويرفعها إلى السلطات الحكومية المختصة." وهذا ما يعني أن المجلس لم يمارس سوى اختصاصاته القانونية، وأن التقرير او التوصية محط الجدل كان في صلب اختصاصاته.


في المقابل، لماذا يتم التركيز على قضية المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث، على الرغم من أن قوانين الإرث تعرف مجموعة من الإشكالات لا تقل أهمية عن إشكالية المساواة؟ ومنها على الخصوص التوارث بين المسلم وغير المسلم، ووراثة الأبناء من العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، وغيرها من القضايا التي ستصبح إشكاليات حقيقية إن لم تتم معالجتها من خلال مقاربة جريئة واستباقية.


ثم ألا يعد طرح موضوع المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة هروبا إلى الأمام وتهربا من طرح إشكالية الثروة وتوزيعها؟ الذي يعد أكثر حدة وأهمية من المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث؟ ثم ألا يرتبط الأمر ببنى وأنساق اجتماعية لا يسهل تغييرها بالقوانين الوضعية والخضوع لمنظومة قيم كونية لا تتلاءم مع الخصوصيات الثقافية والدينية للمجتمع، بل تكاد أن تكون نبتا غريبا عنه؟


يكشف هذا النقاش المحتدم عن عوائق ابستيمولوجية ترتبط بمنطلقات كل طرف، كان من تداعياتها أن جعلت موضوع المساواة في الإرث يدور في حلقة مفرغة، إذ أن كل فريق في واد يصيح بمعزل عن الآخر، لا يلتقيان إلا في تبادل الاتهامات والتصنيفات الجاهزة. كما تماهى فيها المعرفي بالايديولوجي بالتاريخي بالفقهي، وصار يصعب النظر إلى الموضوع في سيرورة تشكله التاريخية والابستمولوجية لا في صيرورته الايديولوجية.


عوائق ابستيمولوجية تجعل من الملح والضروري فتح النقاش من جديد وفق مقاربات جديدة، بمعزل عن التقاطبات الأيديولوجية والقوالب الجاهزة والتصنيفات التقليدية، والبحث عن رؤى جديدة، لا بمنطق التوفيق، لأن "كل توفيق تلفيق"، ولكن وفق منطق الكشف عن المستويات المتعددة التي ترتبط بالموضوع والكشف عن تداخلاتها وتمثلاتها، وقراءتها وفق سيرورة تشكلها التاريخية، في أفق تجاوز العوائق الابستيمولوجية.


في هذا السياق إذا تدخل سلسلة المقالات حول الموضوع التي ننطلق في نشرها على الموقع، في أفق تعميق النقاش بشكل أكثر هدوءا، قريبا من المعرفة بعيدا عن التقاطبات الأيديولوجية، وبحثا عن تجاوز العوائق الابستيمولوجية والكشف عنها وعن الأسئلة المزيفة التي تموهها.

©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.