المعتقل الحبيب الحنودي من سجن عكاشة: قراءة في التطورات الأخيرة.

عند قدوم حراك الريف كنت على يقين أن هناك موجة ثالثة قادمة، والدولة نفسها كانت تتكهن حدوثها، فبعد حركة 20 فبراير وما أتت به الفترة من تغييرات اصلاحية طالت الدستور، حل حراك الريف بوقع أكثر منها بارتدادات لازالت تهز موجاتها دار المخزن.
وتحسبا لعدم حدوث موجة ثالثة ستكون أشد وأشد وقعا من انعكاسات كبرى لا أحد يدري الى أين ستنتهي وكيف ومتى، دفع الدولة إلى ضرورة وضع خطة استباقية تقيها شر هذه الموجة.
والتجنيد باب من أبواب هذا القبيل، خطة استباقية عملت عليها الدولة ضمن الاصلاحات التي أتت بها استجابة لبعض مطالب حراك الريف.
حراك الريف أبان عن وعي مجتمعي لم تضرب له الدولة حسابا، فقد كانت في سباتها تسبح بعد أن ضمنت انتشار الجهل والفقر، وترك المواطن يلهث وراء كيفية تحقيق لقمة عيش كريمة، اذ بها تستيقظ على زلزال اجتماعي يهزها من شباب لا يتجاوز الأربعين من عمره، فكان التجنيد أفضل خطة لمواجهة طوفان هذا الوعي وضرب عصافير عدة بحجر واحد، بترويض وتطويع الشباب مستقبلا لدرء عدم تكرار التجربة أو اندلاع موجة ثالثة قد تودي الى ما يحمد عقباه، وكذلك للقضاء على نار الاحتجاجات بضمان عدم مشاركة باقي موظفي الدولة أو الشعب عموما في أي اضراب او احتجاج للمطالبة بحقوقهم المشروعة، لعلمها المسبق بتجاربها وتجارب غيرها أن الشعب مهما بلغ منه الخمول والتحمل الى ان لقيامه هيبة يضرب لها الف حساب.
حراك الريف كان هبة سماوية للدولة، إذ استغلته استغلالا كاملا باستحواذها لباقي السلطات المتبقية كالعدل والمجلس الجهوي للاستثمار بعد أن أصبح يعين على رأسه ولاة الخ ...........
المرحلة الآن مع الاوضاع المزرية التي يعوم فيها الوطن وتدهور حاله، يستوجب طرح نموذج تنموي حقيقي ينهض بالقطاعات الأساسية للوطن لإنقاذه من براثن الركود الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والصحي والتعليمي.....
الاصلاحات والنماذج التي طرحتها الدولة نماذج ذات تصور ضيق غير واضح وذو استراتيجية فاشلة من عنوانها تخدم في طياتها مصالح ضيقة لا تستجيب لتطلعات الشعب المغربي.
وبه فإن حراك الريف الشعبي يطرح نموذجا تنمويا اقتصاديا واجتماعيا شاملا، ذو تصور واضح واستراتيجية وازنة، يستطيع بها المغرب المرور الى ضفة الأمان للنهوض الفعال بقطاعات الدولة الاساسية التي هرئت بالنهب، وعدم التحديث في عملها وبرامجها ما نتج عنها كل هذا التخبط والتدهور.