logo du site ledesk
بالعربية
مختارات لوديسك بالعربية

Connectez-vous

Mot de passe oublié ?

Abonnez-vous !

Découvrez l'offre de lancement du Desk

60 DH
1 mois
Découvrir les offres
23.06.2017 à 20 H 57 • Mis à jour le 30.07.2017 à 11 H 01 • Temps de lecture : 1 minutes
Par

الملك يقف وحيداً خلف درعه الأمني في وجه التوترات

وحده الملك، بجهازه الأمني وبعض مستشاريه على رأسهم فؤاد عالي الهمة، قادر على اتخاذ قرار بشأن كيفية تدبير أزمة الريف. فالأحزاب السياسية قد أُنهكت، والمخزن يواصل تخبطه في مواجهة الاحتجاجات. كيف إذن يجب التعامل مع هذا التحدي الآن؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الصحافي الإسباني إغناسيو سيمبريرو. إن الملك محمد السادس أمام منعطف جديد في فترة حكمه، تتطلب معالجتُه درجة عالية من الحنكة.

قبل أيام قليلة قام مستشار الملك وذراعه الأيمن فؤاد عالي الهمة مساء يوم 31 ماي بالضبط، بزيارة وصفها بأنها من باب »الصْواب« إلى بيت عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الإسلامي المعتدل الموالي للملك، الذي كان قد فاز بالانتخابات التشريعية الأخيرة.


رفض بنكيران


إن زيارة الهمة لم تكن ودية، وإنما لطلب المساعدة في تهدئة الوضع المشتعل في الريف الذي تهدد نيرانه بالامتداد إلى كافة أرجاء المملكة. فالمغاربة من الناظور وحتى أكادير يواصلون الاحتجاجات، كما عرفت الرباط أيضا مشاركة عشرات الآلاف من المحتجين في مسيرة الأحد 11 يونيو الجاري التي رُددت فيها شعارات من قبيل : "حرية، كرامة، عدالة اجتماعية" و : "هي كْلْمَة وَاحْدَة، هَادْ الدولة فاسْدة !" وأيضاً : "الشعب يريد، سراح المعتقلين !". فقد بلغ عدد المحتجين الريفيين المعتقلين 135 شخصاً، من بينهم 86 من قادة "الحراك" ينتظرون صدور الأحكام في حقهم بتهم الإخلال بالأمن العام أو حتى تهديد أمن الدولة.


ولعل الحشد الهائل من المتظاهرين قد أعاد إلى الأذهان صور النسخة المغربية من "الربيع العربي"، فقد ضم خليطاً من أنصار جماعة "العدل والإحسان" المحظورة وناشطين من أحزاب اليسار الصغرى، وشباباً من حركة "20 فبراير" التي ظهرت في 2011. كما شهدت الاحتجاجات هذه المرة مشاركة عدد من شباب حزب "العدالة والتنمية" أيضا، بل إن بعض الاشتراكيين قد انضموا بدورهم إلى المسيرة، مخالفين بذلك تعليمات أحزابهم الممثلة في الحكومة.





من جهته، رفض بنكيران تقديم المساعدة للقصر. بنكيران الذي أهين وأسيئت معاملته خلال توليه منصب رئيس الحكومة (2016-2011)، كما خلال تحمله مسئولية تشكيل الحكومة (أكتوبر 2016 - مارس 2017)، المهمة التي فشل في أدائها بسبب العراقيل العديدة التي وضعها في طريقه رجال ثقة الملك.


اليوسفي : صمام الأمان الأول


كان مرجحا أن يرفض بنكيران لعب دور الدرع الواقي للقصر، عكس ما كان عليه الحال في 2011 حين عُين رئيساً للحكومة، وهو ما أنهى "الربيع العربي" الذي بدأ يضمحل آنذاك مع تواري جماعة "العدل والإحسان" عن الأنظار. فقد كان بنكيران والدستور المغربي الجديد الذي تم تفعيله في يوليوز 2011 السببين الرئيسيين في تعطيل الاحتجاجات التي عمت أرجاء المغرب.


في سنة 2002، وقبل 15 سنة من تولي بنكيران السلطة، كان محمد السادس قد قرر الاستغناء عن صمام أمان آخر ورثه عن والده الحسن الثاني، كان يمكن أن يساعده على التخفيف من الاضطرابات التي ظلت تندلع في المغرب من وقت لآخر، هو عبد الرحمن اليوسفي، الشخصية البارزة في حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية". لم يأخذ الملك انتصار اليوسفي في الانتخابات التشريعية بعين الاعتبار، بل وضع التكنوقراط إدريس جطو على رأس الحكومة.




بعد ذلك بسنة واحدة، قدم اليوسفي في خطاب له ببروكسيل تقييماً مريراً للسنوات الأربع (1998ـ2002) التي قضاها على رأس الحكومة بصلاحيات قليلة جداً :" (...) انتهت هذه التجربة دون أن تفضي إلى ما كنا ننتظره منها؛ التوجه نحو الديمقراطية عبر خطوات تاريخية إلى الأمام، كان من شأنه أن يشكل قطيعة مع ممارسات الماضي". ورغم أن اليوسفي يبلغ اليوم من العمر 93 سنة، ويعاني من المرض وإن ما زال بكامل قواه العقلية، فقد تم أخذه بعين الاعتبار من طرف القصر لأجل المساهمة في وضع حد لأزمة الريف، لكن اليوسفي فضل عدم العودة إلى الساحة السياسية.


ملك وحيد


أما الآن فإن الملك يقف وحيداً خلف درعه الأمني الضخم في وجه التوترات. بينما الأحزاب السياسية المغربية الأخرى، تلك التي تم إحداثها من العدم من طرف وزارة الداخلية ("التجمع الوطني للأحرار" و"الاتحاد الدستوري" وغيرهما)، أو التي تم تشجيعها سراً من طرف القصر (حزب "الأصالة والمعاصرة")، فهي اليوم عديمة الفائدة في حال وقوع أي أزمات، لأنها كما هو واضح أحزاب لا تمثل المغاربة.


ورغم أن الشخص الذي يتولى رئاسة حزب "الأصالة والمعاصرة" حاليا، الحزب الثاني في المملكة من حيث عدد النواب، إلياس العماري، رغم أنه ريفي من الحسيمة، إلا أن العماري لم يتمكن من احتواء التوتر في المنطقة، بل يُعتبر جزءا منها، كما عبر عن ذلك منتقدوه في كثير من الأحيان. فقد أصبح جزءا من الطبقة السياسية التي فقدت مصداقيتها بل وأمست مرفوضة من الجماهير.


بالتالي، لا شيء سوى الفراغ السياسي الذي سببه غياب ممثلين سياسيين يفسر كيف استطاع شخص من عامة الشعب هو ناصر الزفزافي، من دون شواهد جامعية، سوى كونه متحدثا بارعا، أن يحشد الجماهير الريفية ويصبح بسرعة قائداً محلياً.




وحتى إن تميزت الانتخابات التشريعية والبلدية في المغرب بشفافية أكبر مقارنة بجيرانه في الشرق، فإنها ما تزال منفصلة تماماً عن شعب امتنع 57 % منه عن التصويت في أكتوبر 2016، حيث لم يتجاوز عدد المغاربة المسجلين في اللوائح الانتخابية 15,7 مليون، في حين بلغ عدد المواطنين البالغين سن الانتخاب 24 مليون شخص. أي أن حوالي 17 مليون مغربي بالغ أداروا ظهورهم لصناديق الاقتراع عبر الامتناع عن التصويت أو عدم التسجيل، ما يُظهر نفورا و تنصلاً واضحاً من الطبقة السياسية.


المتظاهرون في كل من الحسيمة والرباط فهموا بشكل جيد أنه في غياب طرف ممثل، يبقى الملك وحده قادراً على الاستجابة للمطالب الاجتماعية لسكان الريف التي يتشاركونها مع عدد كبير من المغاربة. في حوار مع مجلة »تيلكيل« ، تساءل القيادي الإسلامي حسن بناجح : "هل سيستمع المسئولون إلى الشعب؟"، قبل أن يضيف : "عندما أتحدث عن المسئولين، فأنا أقصد الملك أيضاً".


إعادة لـ "الربيع العربي" 


حتى اليوم، لم يأت الرد المنتظر سوى على شكل وعود واهية قطعها وزراء لا يبعثون على الثقة، طالتهم صيحات استهجان بالحسيمة لحظة حلولهم بها في ظل إنزال مكثف لقوات مكافحة الشغب، وصلت إلى حالات اعتداء قليلة بالضرب. وابتداء من 29 مايو، أخذت وزارة الداخلية بالتصعيد، معتقِلة قادة "الحراك" على أمل إخماد فتيل الثورة. إلا أن هذه الخطوة لم تنجح، إذ لم تستمر التظاهرات فحسب، بل انتشرت في كافة أرجاء المغرب وأصبح تحرير "المعتقلين السياسيين" الريفيين شعارها.


بالموازاة مع هذه الاعتقالات، شُنت حملة تشهير ضد ناصر الزفزافي، قائد الثورة، ورفاقه، اتهمتهم عبر صحف موالية للسلطة بالحصول على تمويل من الجزائر دون تقديم أي دليل ملموس على ذلك، والأنكى من ذلك اتهامهم بتلقي تمويل من جبهة البوليساريو. كما تم تداول صور للزفزافي يرتدي فيها لباس السباحة على متن قارب استجمام بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان مقصودا منها إظهار خطاب الزفزافي مناقضا لنمط عيشه وانغماسه في اللهو والملذات. صور أخذت –للإشارة- من قرص وامض (»يو إس بي« ) صادرته الشرطة القضائية من منزله.




إن ما يجري بعد مرور ست سنوات هو بالفعل إعادة لـ "الربيع العربي" المغربي الذي يبدو أنه قد انبعث من جديد. عبَّر حسن بناجح عن هذا الأمر بوضوح حين قال : "أستحضر هنا خطاب 9 مارس" الذي ألقاه الملك في 2011 حيث وعد بالاستجابة لعدد كبير من مطالب حركة "20 فبراير"، مضيفاً بـ "أن الأمر بسيط، إذ يتعين إيجاد حلول ديمقراطية (...)".


والحال أنه لم يتم تفعيل هذه "الحلول الديمقراطية" خلال السنوات الأخيرة، رغم إشادة كل من مدريد وبروكسيل وواشنطن وخاصة باريس بالإصلاحات التي اتخذها المغرب. أسطوانات مشروخة يرددها بصوت عال الوزراء والديبلوماسيون والأكاديميون والباحثون الأوروبيون المسئولون عن مراكز الأبحاث!إذ من غير الممكن، في أغلب الأحيان، إبداء رأي مخالف من طرف عدد من المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية في أوروبا، انطلاقا من إسبانيا. فوجهات النظر المخالفة ممنوعة حيث يجب المحافظة على العلاقات الجيدة مع مغرب لا يمكن الاستغناء عنه في مجال مكافحة الهجرة والإرهاب بأي ثمن كان !


المخزن يتخبط


كيف يمكن مواجهة هذا التحدي؟ إن المخزن يتخبط. فرغم أن بإمكانه تقديم تنازلات اجتماعية، إلا أن احتجاجات الريف تنطوي أيضا على مطالب ذات صلة بالهوية واللغة -رغم أنه ينكر ذلك-، تشبه بعض الشيء تلك التي عرفها إقليم الباسك الإسباني في سبعينيات القرن الماضي. الدليل على ذلك هو أعلام جمهورية الريف الزائلة (1926-1921) التي يرفعها المتظاهرون، ما يدفع الرباط إلى اتخاذ موقف ثابت، خوفا من الوقوع في دوامة قد تعرض أسس المغرب للخطر. مغرب يتصف بمركزية كبيرة، إلا أنه في العمق، يعرف تنوعا أكثر من جارته الشمالية.


يبقى التقرير في هذا الشأن راجعاً إلى الملك وحده رفقة جهازه الأمني الضخم ومجموعة صغيرة من المستشارين الملكيين تشمل عضواً واحداً تُعد مساهمته مهمة في الواقع، هو : الهْمّة، الذي فوَّض له الملك أمر تدبير الأزمة. هذا الأمر الذي أثار حفيظة البعض، فالجنرال حسني بنسليمان مثلا، قائد قوات الدرك البالغ من العمر 81 سنة، يواجه صعوبة في تقبل أنه يجب عليه المرور بالهمة عوض التواصل مع الملك مباشرة كما كان يفعل مع والده الحسن الثاني.




بنسليمان الذي ينتمي إلى الحرس القديم للمخزن، يرى أن القمع استعمل بشكل مفرط في وجه متظاهرين أغلبهم مسالمين، كما يعتبره عنصراً مساهماً في تأجيج الاحتجاجات. فعلى سبيل المثال، ما معنى أن تُسجَن المغنية الأمازيغية سيليا الزياني البالغة من العمر 23 سنة التي كانت تلطِّف أجواء المظاهرات بصوتها؟ ولماذا تعرض الزفزافي ورفاقه للمعاملة السيئة، كما صرح محاموهم، خلال عملية توقيفهم في الصباح الباكر يوم 29 مايو؟


هناك أيضا شيء من السريالية يصيب ذهن المتتبع عند سماعه خبر الملك يقترح وساطته عبر الدبلوماسية المغربية للتدخل  في الأزمة التي تواجه الأنظمة الملكية الخليجية، أو في الإعلان عن إرسال طائرات نقل مملوءة بالمواد الغذائية إلى قطر – لمواجهة النقص الذي تعاني منه هذه الأخيرة بسبب المقاطعة التي فرضتها عليها الدول العربية المجاورة لها–، في حين يلتزم الصمت فيما يتعلق بالأحداث الجارية داخل مملكته. فرغم دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ سنة 2011، يظل الملك محتفظا بالجزء الأكبر من السلطة التنفيذية.


نصائح من ماكرون؟


إن المستقبل على المدى القريب يتوقف بشكل كبير على عاملين اثنين، أوَّلهما قدرة الملك والهمة، رجل الثقة الذي يفوض له الكثير، على المناورة. ومن دون شك، سوف يقدم لهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سينطلق يوم الأربعاء 14 يونيو في زيارة "خاصة" إلى الرباط نُظِّمت على وجه السرعة، بعض النصائح. ترى هل ستكون زيارة ماكرون ونصائحه بنفس القدر من الحكمة  التي اتسمت بها نصائح نيكولا ساركوزي في 2011 خلال بداية "الربيع العربي" والتي ساعدت على تجاوز اضطرابات "الربيع"؟




ترغب عواصم جنوب أوروبا بشدة في أن يعفو الملك عن السجناء الريفيين مع حلول نهاية شهر رمضان بمناسبة عيد الفطر. لن يشكل ذلك حلاًّ نهائيا للأزمة، إلا أنه سيساهم في تلطيف الجو في وقت يستعد فيه مئات الآلاف من المهاجرين الريفيين في أوروبا للعودة إلى ديارهم لقضاء عطلة الصيف. دون أن نغفل أن العادة جرت في المغرب أن يمنح الملك العفو للسجناء الذين صدرت في حقهم أحكام وليس للمتهمين. بينما لم تبدأ بعد محاكمة قادة "الحراك"، وعدد المتهمين منهم إلى حد الساعة 86 متهما.


العامل الثاني الذي لا يقل أهمية، يتعلق بحزب "العدل والإحسان" الذي يستطيع تعبئة الجماهير عبر كل أنحاء المغرب، للمضي قدماً في ما لم يقم به هذا الحزب في 2011. فقد كان رد حسن بناجح عندما طرحت عليه مجلة »تيلكيل« سؤالاً بهذا الصدد : "ما دام "الحراك" ]الريفي[ حياً، فسوف نواصل التقدم إلى جانبه. و مظاهرة البارحة ]الأحد 11 يونيو 2017[ ليست سوى بداية. إذا كانت هناك مظاهرات أخرى مقرَّرة، فسنشارك فيها". يُعد هذا الرد الذكي غامضاً، شأنه شأن أجوبة مسئولين إسلاميين آخرين : لم يقم حزب "العدل والإحسان" بأي مبادرة، ولكنه سيلتحق بتلك التي سيتم اقتراحها.

©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite