تحقيق « قتلة القصة »: بنية إسرائيلية وراء قضية رشيد المباركي في قناة « BFMTV » الفرنسية

بدأت تتضح ملابسات التحقيق الداخلي الذي تجريه قناة "BFMTV" بخصوص الصحفي الفرنسي-المغربي رشيد المباركي. فبينما توجهت أصابع الاتهام إلى محتوى حول المغرب -زعم أنه نشر بتأثير من الرباط- ظهرت قصة جديدة أخرى اليوم الأربعاء، من خلال تحقيق استقصائي حمل اسم "قتلة القصة" (Story Killers)، بتنسيق من اتحاد "قصص ممنوعة"، المنصة الإلكترونية لجمعية الصحافيين "شبكة أصوات الحرية"، التي تقف في الأصل وراء قضية بيغاسوس.
وكان المكتب الأوروبي لصحيفة "بوليتيكو"، كشف في 02 فبراير، أن القناة الفرنسية أوقفت مؤقتا المباركي، مشيرة أن لذلك علاقة بمحتوى مؤيد للمغرب نشر على القناة، موردة أن "عشرات المحتويات المشبوهة تقود الإدارة إلى التساؤل عن أصل الموضوعات المرتبطة بالمغرب أو السودان أو الأوليغارشيون الروس أو حتى منتقدي قطر، حسب ما علمته 'بوليتيكو' من مصادر مشاركة في التحقيق".
وأضافت الصحيفة نفسها، أن "العديد من أعضاء هيئة التحرير، في بالهم، تقرير تم بثه من تقديم رشيد المباركي، حول المنتدى الاقتصادي للداخلة، وهي مدينة في جنوب المغرب حيث التقى، على حد تعبيره، مستثمرون إسبان في يونيو 2022"، وذكرت "بوليتيكو" أنه "على خلفية الصور الترويجية للحدث، يشير مقدم البرنامج إلى دفء العلاقات الدبلوماسية بين إسبانيا والمغرب، بفضل الاعتراف بالصحراء المغربية".
أصبحت هذه المعلومات محط تساؤل، خصوصا بعد إعادة وضعها في سياق جديد، من طرف تحقيق "قصص ممنوعة" : يتوجه التركيز نحو دور بنية إسرائيلية غامضة، متخصصة في التظليل الإعلامي والتأثير والضغط، تمكن المحققون الصحفيون في "قتلة القصة" من اختراقها في تل أبيب.
تقويض مصداقية العقوبات الروسية
وخلال عملية التسلل والتحقيق، أشار أعضاء في البنية الإسرائيلية، للصحفيين أن برنامج رشيد المباركي قد تم التلاعب به.
وأكدت "فرانس إنفو"، التي شاركت في مشروع "Story Killers" أنه "خلال إحدى نقاشاتنا، أظهر لنا قادة الشركة الإسرائيلية مقطع فيديو يعود إلى 19 شتنبر 2022، نرى فيه رشيد المباركي، صحفي 'BFMTV'، يشارك، مع الصور الداعمة، الصعوبات التي تعرفها صناعة اليخوت في موناكو. بعد تنفيذ العقوبات ضد الأوليغارشية الروسية"، وأضافت أنه بمجرد بث المقطع، تم عزل المقتطف المعني ليتم مشاركته على نطاق واسع، من خلال حسابات وهمية أنشأتها نفس البينة الإسرائيلية من أجل تقويض سمعة العقوبات المفروضة على روسيا.
وعلاقة بإدارة "BFMTV"، وبعد تنبيهها إلى المقطع المعني، بدأ الصحفيون الذين ساهموا في "Story Killers" في المراجعة الداخلية للقناة الإخبارية الفرنسية، وأدى ذلك إلى قيام إدارتها بتوقيف المباركي.
ولم تتم الإشارة، حتى الآن، إلى أي دليل موثق، يدعم فرضية التورط المباشر للمغرب في عملية التأثير هاته.
ومن شأن المعلومات الجديدة أن تناقض الإدعاءات التي نقلتها وسائل الإعلام خلال الأسابيع الماضية، حول تورط مزعوم للمملكة في هذا الملف مع المباركي.
المغرب.. مسار بالغ التعقيد؟
هذا هو الحال، على سبيل المثال، في صفحة كشف الأخبار الزائفة "CheckNews" في اليومية الفرنسية "ليبراسيون"، حيث أشارت أيضا، في الثاني من فبراير، إلى أن التحقيق الداخلي لـ "BFMTV" وقف على مقطعين : الأول له علاقة بالسودان، والثاني يخص المغرب، وأشارت في هذا السياق، إلى مقتطف يتعلق بالداخلة، بالشكل الذي أوردته "بوليتيكو" قبل ذلك بساعات قليلة.
وذهبت وسائل إعلام أخرى في نفس الاتجاه، مذكّرة في هذا السياق، بمشاركة رشيد المباركي في احتفال بمناسبة عيد العرش، وإجرائه مقابلة مع "Le360"، أعرب خلالها عن تعاطفه مع بلده الأصلي.
وتزامنت هذه الضجة الإعلامية، مع توتر العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس، وهو ما دفع بالعديد من الأوساط المغربية، على مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة، إلى القول بأن صحفيا فرنسا قد تمت معاقبته فقط لأنه جاء على ذكر "الصحراء المغربية".
لا تزال هناك منطقة رمادية : فبخصوص المقاطع المتعلقة بالمغرب، ينظر إليها على أنها مسألة خلافية في "BFMTV" بعد أن فتحت تحقيقها الداخلي. هل يمكن أن يكون لهم علاقة بوكالة التظليل الإعلامي الإسرائيلية؟ في هذه الحالة، لماذا سيتم اللجوء إلى وساطة إسرائيلية وإلى عملائها، لإقناع المباركي "المعتاد على المغرب" كما يقال عنه، لإقناعه ببث محتوى ترويجي؟
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.