ترامب يستغني عن خدمات جون بولتون، هل يتنفس المغرب الصعداء أخيرا؟
قدم جون بولتون مستشار الأمن القومي بإدارة ترامب استقالته بناء على طلب من الرئيس، الذي أرجع هذه الاستقالة الى عدة اختلافات بينهما حول عدة ملفات. وعندما تولى هذا "الصقر" الذي كان الذراع اليمنى لجيمس بيكر في ملف الصحراء الغربية، منصبه بالبيت الأبيض في مارس 2018، خضع المغرب لضغط كبير بمجلس الأمن، ضغط بدأ في التلاشي برحيل هورست كولر، المبعوث الخاص لانطونيو غويتيريس...
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يومه الثلاثاء10شتنبر، استغناءه عن خدمات جون بولتون، مستشار الأمن القومي بسبب اختلافهم حول ملفات أساسية على غرار إيران وكوريا الشمالية وأفغانستان.
وقد أعلن ترامب عن قراره عبر تويتر قائلا "لقد أعلمت جون بولتون أمس، استغناءنا عن خدماته في البيت الأبيض. لم أكن على اتفاق معه حول مجموعة من الاقتراحات وكذا أعضاء آخرين من إدارتنا، ولهذا طلبت من جون أن يقدم استقالته وهو ما قام به هذا الصباح. أشكر جون على خدماته، وسأعين مستشارا جديدا للأمن القومي الأسبوع المقبل".
ولقد نفى بولتون رواية ترامب، مؤكدا بدوره عبر تويتر أنه هو من أقدم على تقديم استقالته مساء يوم الاثنين، وأن الرئيس أجابه قائلا "سنتحدث عن ذلك في الصباح".
بعد مايكل فلين وماكماستر، جون بولتون هو ثالث مستشار للأمن القومي يغادر البيت الأبيض منذ جلوس ترامب على كرسي الرئاسة.
مستشار الرئيس الذي سعى إلى حل ملف الصحراء الغربية على حساب مصالح المملكة
بالنسبة للمغرب، يؤثر قرار الاستقالة بشكل مباشر على ملف الصحراء الغربية، وقد عبر بولتون عن "إحباطه" من عدم تحقيق هدفه وعبر عن موقفه عبر التشكيك بمدى فعالية التمويل الأمريكي لعمليات حفظ السلام، بما فيها المينورسو.
وقد ذكر تعيينه في مارس 2018، الرباط بذكريات سيئة. فقد خلق حصول السفير السابق للولايات المتحدة بمجلس الأمن، على هذا المنصب الحساس عدة شكوك وتخوفات بحكم أنه كان مهندس مخطط بيكر الثاني الذي رفض منذ عشر سنوات خيار الاستفتاء. وقد تفاوضت المملكة بصعوبة من أجل اعتماد وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2414، حول الصحراء الغربية بعد شهور من الأخذ والرد مع جبهة البوليزاريو.
وبالفعل، جون بولتون البالغ من العمر 70 سنة، هو محامي وديبلوماسي وسفير سابق للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وشغل أيضا منصب مساعد جيمس بيكر خلال ولايته كمبعوث شخصي مكلف بتنظيم استفتاء الحكم الذاتي بالصحراء الغربية مابين 1997 و2000. وهكذا علق مصدر موالي لجبهة البوليزاريو عندما تم ترشيحه لتعويض كريستوفر روس قائلا "لقد وضع بولتون الاراضي الصحراوية على رادار مجلس الشيوخ".
وهكذا منح ترشيح بولتون بمجلس الأمن، بصيص أمل لجبهة البوليزاريو. وكانت خيبة أملهم كبيرة لما اختار انطونيو غويتريس، الالماني هورست كولر بدلا منه.
وقد هدد بولتون بسحب المينورسو، بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء بالصحراء الغربية، التي تبلغ ميزانيتها مليون دولار وتضم قرابة 300 عضو. ومنذ 1991، تسهر هذه البعثة على تطبيق وَقْفِ إطلاق النار بالمنطقة. مما يجعل بولتون أكثر السياسيين الأمريكيين سعيا إلى تطبيق استفتاء للحكم الذاتي وفرضه بالقوة.
ويقول النائب الأمريكي، جوزيف بيت، أحد المؤيدين لجبهة البوليزاريو "يمكن لبولتون أن يكون المفتاح لحل الأزمة. لقد قضى ثلاث سنوات في العمل مع بيكر حول مخططه، وهو على دراية جيدة بالملف وقد عبر في السابق عن احباطه من امتناع المغرب عن تنظيم الاستفتاء".
ويذكر بولتون في كتابه "الاستسلام ليس واردا : الدفاع عن مصالح أمريكا بالأمم المتحدة"، الذي صدر بدار النشر تريس هولد، سنة 2008، الصعاب التي واجهته لتطبيق قرار مجلس الأمن بسبب "غياب إرادة سياسية لواشنطن، وتداخل مصالحها الاستراتيجية مع الرباط".
ويضيف هذا الأخير"لقد قابلت في مناسبات عدة بين سنتي 2005 و2006، ممثلين عن الجزائر والمغرب، وكان هؤلاء راضين عن الوضع الراهن في الاراضي الصحراوية، ولكن لأسباب مختلفة ومتعارضة. المغرب يسود على معظم أراضي الصحراء الغربية وراض بالوضع القائم، في انتظار أن يمكنه التحكم في هذه الأراضي كأمر واقع الى اكتساب حق السيادة عليها".
ومن وجهة نظره، يقول بولتون إن "أكبر عائق لرؤيتي هو بيروقراطية وزارة الخارجية الأمريكية مدعومة بمجلس الأمن واليوت ابراهام، وكلاهما، قبل فكرة أن استقلال الصحراء الغربية (...) سيؤثر على استقرار المغرب".
بعد رحيل كولر واستقالة بولتون...
في نهاية شهر أبريل2018، قررت الأمم المتحدة تقليص مدة بعثتها الى ست أشهر، بايعاز من الولايات المتحدة. وتعتقد واشنطن أن تقليص مدة بعثتها من شأنه أن يشكل ضغطا على الأطراف المعنية للتوصل الى حل لهذا النزاع. وهكذا بسعيه الدؤوب الى تحريك هذا الملف، تمكن بولتون خلال ست أشهر من فرض استئناف المفاوضات بين الاطراف المتنازعة بتنسيق من كولر.
ومنذ تقلد منصبه، سعى كولر بشكل جدي الى البحث عن حل لمشكل الصحراء الغربية. وقام بمجهودات جمة لأجل التوفيق بين الأطراف المعنية بالنزاع بلقاءات جنيف. إذ بعد ست سنوات عن وقف الحوار بين الأطراف المعنية، نجح كولر في الجمع بينها لاستئناف الحوار، وذلك من خلال لقاءات سويسرا وفي مناسبتين اثنتين بين المغرب وجبهة البوليزاريو والجزائر وموريتانيا.
وبعد اللقاء الثاني لم تدع جبهة البوليزاريو إلا بصيصا من الأمل في التوصل الى حل سريع لهذا النزاع القديم وذلك لأن "المغرب لم يبرهن عن أي رغبة للالتزام بسيرورة حقيقية وجدية للحوار"،حسب تصريح لأحد ممثليها. وفي نهاية مارس، خلص كولر الى أن مواقف الاطراف المتنازعة ظلت "متباعدة بشكل جوهري".
وكان من المفروض عقد لقاء ثالث في الأشهر المقبلة. لكن استقالة كولر لأسباب صحية أوقفت سيرورة المفاوضات في انتظار تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة. كما أن استقالة مستشار الأمن القومي جاءت لتصب لصالح المغرب...
ولقد ظهر تأثير بولتون بشكل جلي على ديبلوماسية الأمريكية من خلال الخروج من الاتفاق النووي مع إيران والغارات على سوريا. وللحفاظ على دعم واشنطن في ملف الصحراء الغربية، كان على المغرب الموافقة على هذا النهج الديبلوماسي الامريكي المتشدد...
وسنشهد في المستقبل عن ما اذا كانت واشنطن ستواصل نفس النهج في ما يخص ملف الصحراء، فقد ارتبطت سياستها بوجود بولتون وتأثيره، وبغيابه من المحتمل أن تتغير الأمور. أضف الى هذا أن الولايات المتحدة منشغلة أكثر من ذي قبل ببؤر التوتر التي تخدم مصالحها الاستراتيجية أكثر، من بينها إيران والصين وكوريا الشمالية وأفغانستان...
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.