زواج الفاتحة: اشكاليات التوثيق مستمرة رغم مرور 14 سنة على صدور مدونة الاسرة

زواج الفاتحة ببساطة هو أن يقرأ الرجل والمرأة سورة الفاتحة، بغاية الزواج وتكوين أسرة، وينتشر هذا الشكل في المناطق النائية والجبال البعيدة، وله أسباب متعددة منها على الخصوص، طبيعة العادات والتقاليد السائدة في المنطقة، والفقر، واعتبار مسطرة الزواج معقدة تحتاج إلى تنقل ومصاريف، أضف للأمية والبعد عن مقر المحكمة.
في بعض المناطق الأخرى يبقى زواج الفاتحة السبيل الوحيد لتزويج الفتاة، وإلا اعتبرت عانسا في بيت أبيها، ما يجعل كثيرا من الأسر تعيش مشاكل عدة بسبب عدم توفرها على الوثائق الثبوثية، خاصة خلال الدخول المدرسي وانجاز دفتر الحالة المدنية والميراث، لتبقى المرأة في جميع الأحوال هي الضحية الأولى لزواج الفاتحة، ثم الأولاد.
في هذا السياق إذا تدخل المشرع المغربي وحصر في الفقرة الاخيرة من المادة السادسة عشر من مدونة الأسرة الصادرة سنة 2004، إثبات الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات ابتداء من تاريخ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، أي ابتداء من سنة 2004، وجاء في هذه الفقرة بسماع دعوى الزوجية في فترة انتقالية لا تتعدى خمس سنوات ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ .
لكن هذه الفترة كانت غير كافية لتوثيق زواج الفاتحة، ومرد ذلك إلى أسباب عدة كطول الاجراءات القانونية، والتكلفة وغياب الوعي، مما دفع المشرع المغربي إلى تعديل الفقرة الأخيرة من المادة 16 بإضافة خمس سنوات أخرى بقانون رقم 08.09، ورغم ذلك لم يتم توثيق عقود زواج الفاتحة بالرغم من إطلاق وزارة العدل لحملة لتوثيق عقود الزواج، وانشاء محاكم متنقلة في البوادي لتيسير الزواج.
وانتهت هذه الفترة في الأسبوع الأول من فبراير2014 ليعود المشرع ليضيف خمس سنوات أخرى خيث أصبحت الفترة هي خمسة عشرة سنة من تاريخ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، ولم يتبق من الفترة المضافة الأخيرة إلا سنة واحدة، ولازالت حالات عدم توثيق زواج الفاتحة منتشرة مع ذلك خاصة في البوادي نظرا لما تعرفه من عادات وتقاليد واكراهات ومشاكل.
وإذا كانت نية المشرع المغربي منصبة على تحصين هذه المؤسسة بضرورة التوثيق، فان الدولة ملزمة بتوعية الناس بأن وثيقة الزواج تعتبر الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج، وذلك حسب مقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة المغربية، كما عليها تيسير توثيق العقود، وإعطاء مدة كافية لكي يتمكن الناس من ذلك، مع العمل بكل همة لتوفير سبل توثيق هذه العقود، ولا بد من الإشارة في الأخير إلى أن المشرع حرص على مصلحة الأطفال حيث نص في المادة 16 من المدونة على أن تأخذ المحكمة بعين الاعتبار في حالة النظر في دعوى الزوجية وجود أطفال أو حمل ناتج عن العلاقة الزوجية وما إذا رفعت دعوى في حياة الزوجين.