شُحنة من احتياطي الذهب الفنزويلي تَحُطُّ بالبيضاء في طريقها الى دبي؟

أعْلَنَ مسؤول عالي المستوى على دراية بمخطط إنقاذ المال العام الفنزويلي، أن البنك المركزي الفنزويلي قام بمقايضة جزء من حيازاته من الذهب مقابل سيولة مالية من اليورو. " لقد قامت فنزويلا بشحن 29 طنا من احتياطي الذهب من البنك المركزي في اتجاه الإمارات العربية المتحدة مقابل مبالغ نقدية باليورو" صرح المصدر ذاته خلال حوار مع وكالة رويترز.
إن عملية البيع هذه تهدف الى دعم العملة الفنزويلية (البوليفار)، وقد بدأت العملية بإرسال ثلاثة أطنان من الذهب، حسب نفس المصدر، وهي عملية تَلِي عملية أخرى سبقتها العام الماضي بتصدير 900 مليون دولار من الذهب معظمه غير معالج في اتجاه تركيا.
ولقد تم تحميل الذهب من المطار الدولي لماكيتا-سيمون بوليفار، الذي يتواجد على الضواحي الشمالية لكراكاس، في 26 من يناير، وكانت الشركة المسؤولة عن خدمة تأجير الطائرات هي الشركة الفنزويلية الصغيرة لنقل الشُّحَن "سولار كارغو" في اتجاه الامارات، حسب ذات المصدر. وشحنت نفس الشركة 15 طن منذ يوم الجمعة ويُفْتَرَضُ أن تشحن 11طن أخرى في شهر فبراير. وقد أنكرت سولار كارغو أن تكون الشركة متورطة في نقل الذهب. وحسب المصدر ذاته، فإن الاماراتيين يدفعون نقدا وباليورو مقابل الذهب دون تحديد الشركات المتورطة في عمليات البيع هذه.
وفي الأيام الأخيرة أدى وصول طائرتين يستغلهما الروس الى ماكيتا، الى ظهور إشاعات بفنزويلا مفادها أن الطائرتين ستُحَمَّلان بالذهب. وهي معلومة تم تكذيبها من قبل موسكو التي أعلنت أنها ستقوم بكل ما في وسعها لأجل مساعدة مادورو على البقاء في السلطة.
وأعلن ديمتري بِسْكُوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، للصحافة في منتصف الاسبوع الماضي، أن المعلومات حول علاقة الكرملين بصفقات بيع الذهب الفنزويلي ليست صحيحة وطالب الصحافيين بالتعامل بحذر مع "الاخبار الكاذبة من هذا النوع".
رحلات جوية عبر البيضاء وأكادير...
وتحوم الشكوك حول إحدى الطائرات التي تؤمن النقل الجوي لشركة "موسكو فيت" وهي طائرة بوينغ757، المسجلة تحت رقم VP-BHM. هذه الأخيرة أقلعت من مطار كايطو، في الأول من فبراير في اتجاه مطار محمد الخامس نقلا عن الموقع المتخصص "فلايت 24"، وفي الثاني من فبراير توجهت نحو موسكو...
وحسب نفس المعطيات التي عاينها لوديسك فإن هذه الطائرة أقلعت من العاصمة الروسية في 29 من يناير، في اتجاه دبي. وغادرت بعد ذلك نحو كاراكاس في اليوم التالي، بعد توقف قصير بإسبارغوس في الرأس الأخضر.
وحسب نفس المصادر التي تطرق لها لوديسك، فإن الطائرة أقلعت من العاصمة الروسية في اتجاه كاركاس اليوم الذي يليه بعد أن حطت لوقت قصير بإسبارغوس في الرأس الأخضر. وتبين أن الأمر يَخُصُّ بالفعل مقايضة بالذهب مقابل المال و هذا يزيد من إمكانية مرور الحمولة عبر البيضاء و يدل أن موسكو تلعب دور نقطة عبور رئيسية في هذه العملية بعد تعويض شركة النقل الجوي الفنزويلية بأخرى روسية.

وحسب الصحافة الروسية فإن رحلات شحن جوية أخرى قامت بها نفس الشركة (نوريا)، مر بعضها أيضا عبر المغرب. وفي 31يناير، أكدت "نوفايا غازيتا" أن طائرة بوينغ 757 التي تمتلكها -ايكارغو- قامت برحلة نحو الامارات العربية المتحدة ثم المغرب والرأس الأخضر، وقامت أيضا برحلة مشابهة في 18 و 19 من يناير وكان مسارها : موسكو-دبي-أكادير-كاراكاس.
وأكدت الصحيفة استنادا الى مصادر في الإمارات العربية المتحدة دون الإفصاح عن هويتها، أن طائرة بوينغ 757 المستغلة من الروس، نقلت الذهب الفنزويلي لأجل تخزينه في البنك المركزي الروسي. وتم تعويض سبائك الذهب بمستودعات مليئة بالدولارات الأمريكية.
كما أن الطائرة التي تمتلكها الشركة الروسية يِيرُوفِي، توقفت خلال رحلتها بالمغرب في اتجاهها الى فنزويلا، كما أشارت نفس الصحيفة. وحسب نفس المصدر، كانت قطع الذهب تلك جزءا من احتياطي الذهب الفنزويلي، حيث باتت 30طن منها مخزنة في روسيا.
إن الرئيس الاشتراكي مادورو يرزخ تحت ضغوط شديدة لأجل التخلي عن السلطة. وتعيش البلاد أزمة اقتصادية خانقة وبات على الحكومة مواجهة إدانة دولية عامة، كما تحتج المعارضة على الانتخابات وتجدها غير شرعية وكذلك جزء من الرأي العام الدولي وخاصة الولايات المتحدة التي تبتغي أن يستفرد غريم مادورو بالحكم. إن الولايات المتحدة التي تدعم المعارضة الفنزويلية تطالب بانتخابات جديدة وتحذر المصرفيين من التعامل بالذهب الفنزويلي.
Maduro is raiding the gold reserves of #Venezuela to generate cash. He has already stolen at least 10 % of total reserves in the last week.
I hope the UAE & Turkey will not be accomplices in this outrageous crime.
Any any companies that are involved will face U.S. sanctions.
&mdash Marco Rubio (@marcorubio) February 1, 2019
وهكذا حذر السيناتور الأمريكي لولاية فلوريدا، ماركو روبيو من خلال تغريدة على تويتر كل شخص تُسَوِّل له نفسه نقل الذهب الفنزويلي سيتعرض لعقوبات أمريكية. وكتب في تغريدة : "مادورو ينهب احتياط الذهب الفنزويلي لأجل الحصول على سيولة نقدية ولقد سرق على الاقل 10 % من الاحتياطي الفنزويلي خلال الاسبوع الماضي".
وبصفته عضوا في لجنة العلاقات الخارجية، حذر هذا الأخير الإمارات العربية و تركيا من أن تكونا "شريكتين" في سلب الذهب الفنزويلي، مؤكدا أنهما سيكونان عرضة لعقوبات من قبل واشنطن. وأكد روبيو ان مواطنا فرنسيا يعمل لحساب "نوركابيتل" كان في كركاس" لترتيب سرقة المزيد من الذهب". وأوضحت الشركة في بيان أصدرته أن شراء تلك الكمية في 21 يناير كان وفقا" للمعايير والقوانين الدولية السارية". وأعلنت الشركة الاماراتية أنها ستمتنع عن أية عملية بيع" الى أن يستقر الوضع في فنزويلا. ولم ترد سفارة الامارات العربية المتحدة في كولومبيا والتي تغطي فنزويلا ولا البنك المركزي على طلبات التعليق عن هذه الاحداث.
كاراكاس في أمس الحاجة الى سيولة مالية
لقد لجأت حكومة مادورو لبيع الذهب قبل حوالي سنة، وذلك بعد هبوط الانتاج النفطي في ظل انهيار الاقتصاد وعقوبات أمريكية متصاعدة قلصت ايرادات الدولة وصعبت عليها الاقتراض من الخارج. إن الحكومة الاشتراكية الغنية بالبترول تستورد المواد الأولية من الأرز الى المناديل الصحية و تبيعهم بأثمنة مدعومة من الدولة. بينما يتشبث مادورو بكرسي السلطة، مغرقا البلاد في أزمة عميقة.
لكن بيع كميات كبيرة من صافي احتياط الذهب المتعلق بقيمة العملة المحلية هو خطوة مهمة لا تلجأ اليها الدول الا في حالة وضعيات المالية المتأزمة. ولحد الان، أكدت السلطة الفنزويلية ضرورة أن تتحكم فنزويلا بشكل ملموس في أصول البنك المركزي. ففي 2011، تم اعادة ما يناهز 160 طن من الذهب من بنوك أمريكية واوروبية نحو البنك المركزي لكراكاس.
وينتقد بعض المناصرين لشافيز عمليات بيع الذهب التي قام بها مادورو. وهكذا أعلن غوستاف ماركنيز الوزير السابق للتجارة خلال حكم هييغو شافيز، ان الحكومة لا يفترض فيها أن تقوم بعمليات بيع كهذه" لم نعد نعلم ما يتم تصديره ولا في أية ظروف يتم ذلك. وهي عمليات من المفروض أن تكون شفافة"، أعلن الوزير خلال حوار مع رويترز.
لقد تغيرت الاوضاع مقارنة بعهد الرخاء خلال فترة حكم شافيز. لقد هبط سعر البترول بعد تقليد مادورو للحكم في 2013. ولقد عاين هذا الاخير الانخفاض الكبير في انتاج البترول ولكنه حاول تقليص المصاريف جاعلا الحكومة تعجز عن تسديد ديونها أو حتى الحصول على قروض جديدة.
وهكذا تحولت كاراكاس نحو اليورو بحكم أنه ليس عليه قيود مثل الدولار. وأعلن البنك المركزي الفنزويلي هذا الاسبوع للبنوك الخاصة أنها يجب أن توفر عملة الاورو لمستوردين أجانب حسب ما أعلنته مصادر بنكية واقتصادية.
وقد أعلنت حكومة كركاس للشركات أنها ستقلص بشكل تدريجي صادراتها من المواد الأساسية حسب بعض المصادر. وحسب إحصائيات الحكومة، صدرت فنزويلا 900 مليون دولار من الذهب غير المعالج ما بين يناير وشتنبر 2018.
لكن بمجرد أن تقلصت كميات الذهب غير المعالج الذي يستخرج من المناجم الصغيرة بفنزويلا، بدأ البنك المركزي ببيع مدخرات الذهب للدول الحليفة. ولقد قابل كليكسلتو أورتيغا رئيس البنك المركزي الفنزويلي مسؤولين عن البنك الانجليزي في ديسمبر لمناقشة اعادة الذهب الذي تتوفر عليه لكنه لم ينجح في اقناعهم حسب مصادر قريبة من الملف.
وأبانت معطيات صادرة عن البنك المركزي انخفاضا في مدخرات الذهب خلال السنة الماضية. وفي يناير 2018، كان بحوزة البنك 150 طن من الذهب. وحسب معطيات البنك المركزي تقلصت هذه الأصول الى 132 طن وهو أدنى مستوى تصل اليه منذ 75 سنة.