فضيحة بيدوفيكس: مختبرات زينث فارما ووزارة الصحة تحاولان طمس الملف
كما لو أن الفضيحة نفسها لم تكن خطيرة بما فيه الكفاية، بعد التحقيق الذي نشره موقع لوديسك عن توفر الدواء الجنيس بيدوفيكس في المغرب، في الوقت ذاته الذي حضرته بلدان عديدة، بما فيها البلد المنتج له أي المملكة العربية السعودية، سيقوم مختبر زينيث فارما، الحاصل على ترخيص تصنيع الدواء بأكادير بتوزيع أمر السحب مؤرخ في 28 مارس، أي قبل يوم من نشر مقالنا.
غير قادر على إدراك أنه كان إلى يومنا هذا يقوم بتسويق منتج محظور، ما يرفع من احتمالية خطورته على صحة المغاربة، لازال يحاول مختبر زينيث فارما -الذي يعتبر مساهما فيه السياسي البامي حميد وهبي- خداع الرأي العام، عبر نشر وثيقة بتاريخ سابق مرتبطة بالأمن الصحي الوطني.
والأدهى من ذلك، أن يدعي الدكتور محمد البوحمادي، الصيدلي المسؤول عن شركة زينيث فارما، في رسالته أن هذا القرار جاء بشكل مشترك "بالاتفاق مع السلطات الوصية وكإجراء احترازي".
تلا ذلك بيان من وزارة الصحة مؤرخ في الجمعة 30 مارس، يدعي أن سحب تصريح التسويق لبيدوفيكس كان بتاريخ 28 مارس، في حين يتحدث زينيث فارما عن سحب المنتج بشكل طوعي، كما لو أن الأمر مجرد حادث بسيط، ومع ذلك، فإنه يبدو أن بيان الوزارة صيغ على عجل، ما يدل على الارتجالية التي عصفت بالسلطات، بينما كان الوزير أنس الدكالي وفقاً لمصادرنا في مراكش من أجل لقاء مع المسؤولين عن القطاع الصحي للقيام بمراجعة نظام الحكامة في وزارته، في حين أن النص صيغ بلغة ركيكة حتى أنه تضمن خطأ في اسم المختبر السعودي الذي ينتج البيدوفيكس.
ومع ذلك، فإنه ومن خلال الاتصالات التي باشرها لوديسك مع العديد من الموزعين، ومن بينهم أحد الرياديين في المجال، حتى يوم الجمعة في حدود الساعة الرابعة و46 دقيقة زوالا، أي 48 ساعة بعد إصدار القرار المزعوم، أكدوا انه لم يتم إخطارهم، وبحسب ما أفاد به أحد المديرين للموقع فإنه "عندما يتم اتخاذ قرار بالسحب، يتم تبليغه على الفور، وبالنسبة للبيدوفيكس لم يحدث الأمر في 30 مارس".
بعد حوالي ساعة، أبلغ الموزعون الذين تم الاتصال بهم الموقع عن استلامهم لأمر السحب عن طريق رسالة بريد إلكتروني جماعية حصلنا على نسخة منها، ما يشكل دليلا آخر على فشل محاولة زينيث فارما في طمس لقضية :
لابد هنا أن نذكّر قراءنا بالفاتورة المنشورة في مقالتنا السابق كدليل، بأننا حصلنا على علبة بيدوفيكس يوم الخميس حوالي الساعة الثامنة ليلا، في صيدلية بمنطقة الدار البيضاء.
دواء غير فاعل لمرض خطير
إن مراوغة زينيث فارما بالتعاون مع وزارة الصحة، أكبر من أن تكون ذات مصداقية، وعلاوة على ذلك، فقد تم حظر هذا الدواء في الخارج منذ 29 دجنبر 2017. لماذا الانتظار لمدة ثلاثة أشهر لاتخاذ هذا الإجراء الاحترازي، خاصةً أنه دواء مقرر للمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة (السكتة الدماغية واحتشاء عضلة القلب) والذي اعتبرته الهيئة السعودية للغذاء والدواء غير فعال، باعتراف وزارة الصحة في بيانها المتأخر؟ فكم من المغاربة ظلوا منذ ذلك الحين يتناولون ذاك المنتج؟
الرسالة المؤرخة بتاريخ سابق لها لا تعترف أنها اضطرت لسحب المنتج بسبب تحذير من الصحافة، ولكنها تشير فقط إلى نفوذ بعض شركات الأدوية لدرجة إصدار وثائق بتاريخ غير دقيق بتواطؤ من الوزارة الوصية.
لقد أثبتنا منذ بداية تحقيقنا المتسلسل أن قطاع الصحة يسير بطريقة ضبابية وارتجالية، وأن صانعي القرار في أعلى المستويات الحكومية متهمون بارتكاب مخالفات ضد القانون، وأنهم يتمتعون بحماية من المساءلة والمحاسبة. وهذا ما يثير أسئلة أساسية : حول منطق عدم الامتثال للقانون الذي أصبح القاعدة مرفوقا بتخويلات ممنوحة لمختبرات أشباح، ومنح مديرية الأدوية والصيدلة لصيغة تفضيلية (أليس مختبر زينيث فارما تحديدا الذي يتلقى أكثر عدد من التراخيص سنويا؟)، فيما يتعلق بالمراقبة الصحية في المغرب، والتي أضحى امتثالها للمعايير الدولية أكثر من مشكوك فيه، على قواعد التكافؤ الحيوي الذي يؤطره قانون بيزنطي لازال حبرا على ورق، على غرار العديد من القوانين التنظيمية في مجال الصحة ... هذا هو الوضع المقلق الذي تسوده الاعتباطية بقدر غياب المساءلة لمدبري قطاع الصحة العامة بالمغرب.
من المؤكد أن هذه الحلقة من التواطؤ الخطير للمختبر مع وزارة الصحة، جاءت بعد نشرنا لجزء جديد من تحقيقاتنا، حول التنسيق الصغيرة بين زينيث فارما ومديرية الدواء والصيدلة، بخصوص الدواء الجنيس ضد التهاب الكبد الفيروسي س، الذي سمح له بالتداول في فبراير قبل إضفاء الطابع الرسمي على سعره في النشرة الرسمية في 26 مارس. هل سيبررون الأمر بمحضر لاجتماع لجنة مشتركة بين الإدارات بتاريخ سابق لتبرير ذلك؟ في حين تؤكد مصادر عديدة أنه لم يتم عقد أي اجتماع في هذا الصدد؟
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.