كيف أضعف المغرب صحافته و دفع القراء إلى المواقع الإجتماعية لمعرفة الأخبار

رغم قوانين الصحافة الأقل حدة فيما يخص حرية التعبير، إلا أن الحكومة المغربية لا تتوانى عن ليّ أدرع الصحفيين متذرعة بالهاجس الأمني، مما تسبب في تفشي رقابة ذاتية دفعت المتلقي المغربي إلى فقدان الثقة بالإعلام و الهروب إلى المواقع الاجتماعية للإطلاع على أخبار البلد.
حسب مقال نشرته صحيفة "كريسشان ساينس مونيتور"، فإن الصحافة المغربية تعيش حرية تعبير مشروطة، تحت رحمة السلطة وخطوطها الحمراء مما دفع معظم المنابر إلى فرض رقابة ذاتية نفّرت القراء إلى العالم الإفتراضي.
و يقول دافيد ألفارادو، و هو صحفي اسباني و مراسل سابق للسي إن إن، بأن "حرية الصحافة في المغرب تتغير حسب الوزارة المسؤولة عن مراقبتها، فبعد وزارة الإتصال التي تصدر البطاقات الصحفية و تطرد أو تمنع الصحفيين، صرنا نرى مؤخرا وزارة الداخلية، التي اتصل بي مسؤولوها عددا من المرات لإخباري بأنني أتكلم مع أشخاص لا يعجبونهم".
قد يكون قانون الصحافة المغربي عرف مراجعة لقوانين حرية التعبير، لكن تقريرا لهيومن رايتس ووتش لاحظ أن القانون الجنائي المغربي يتجاوز قانون الصحافة الجديد بإصدار أحكام سجن ضد التغطيات التي يتم تصنيفها كإساءة للإسلام أو الملك أو البلاد، مما لا يترك مساحة للتعبير لأكبر المنابر المغربية في ظل التحرش المستمر والغرامات والمنع والضغط الإقتصادي، و هي عوامل كممت العمل الصحفي خصوصا في تغطية حراك الريف.
حميد المهداوي، مدير و مؤسس موقع إخباري بالعربية، يقبع في السجن ممضيا عقوبة ثلاثة أشهر مع إغلاق موقعه، ومثله الكثير من المراسلين بعد تغطيتهم لاحتجاجات "غير مرخص لها"، يقول الأستاذ عبد الصادق الكدوسي وهو بروفيسور في الإتصال من مكناس أن معظم الصحفيين أصبحوا يبتعدون عن عدة مواضيع لتفادي المشاكل : "لم يعد الملك والأسرة الملكية الخط الأحمر الوحيد، بل الجيش والقضاء والمؤسسة الأمنية كذلك، مما جعل المواطنين يلجؤون للفضاء الرقمي الذي يوفر قيودا أقل ويشكل منصة للنقد والتحقيق".
ويكمن المشكل في كون وسائل الإعلام المغربية ممولة من طرف شركات مقربة من الدوائر الملكية، و تتحكم هذه الشركات في سوق الإشهار بحيث ينسحب المستشهرون من أي منبر ينشر محتوى لا يروق للحكومة و الجهات العليا، في تجلٍّ صارخ لقاعدة العصا والجزرة.
و قد تم التركيز على هذا الضغط المالي في دراسة حول ملكية وسائل الإعلام في المغرب نُشرت الشهر الماضي و أنجزت من طرف منظمة مراسلون بلا حدود بشراكة مع لوديسك، حيت خلصت إلى أن المستشهرين لا يحبذون وسائل الإعلام الأكثر شعبية أو نشرا، و لكن يفضلون تلك التي تقدم تغطية إيجابية عن المملكة.
بينما من جهة أخرى يتمتع الصحفيون الأجانب ومن يكتبون بالإنجليزية بظروف أقل صرامة رغم أنهم يتعاملون بحذر مع مواضيع مثل قضية الصحراء. الصحفية عايدة العلمي التي تكتب في بلومبورغ ونيويورك تايمز، تقول أن تقاريرها ومقالاتها تعتمد على الحقائق الغير منحازة أو المدافعة عن اي طرف وأن هذا أحد أسباب عدم إزعاجها من طرف السلطات. بينما يقول أشرف الباهي، وهو مترجم عمل مع عدة صحفيين ومنظمات أجنبية : "أنا لا أصدق أي خبر في المغرب. و لكي يتغير الوضع بالنسبة لمصداقية الإعلام فعلى المجتمع المدني أن يتحرك. الصحافة المغربية تحتاج أناسا يرغبون في دعمها". أشرف الذي سيطلق مجلة بالإنجليزية الشهر القادم، و هي مجلة ثقافية بعيدا عن مشاكل الإعلام الإخباري و السياسي في المغرب.