S'abonner
Se connecter
logo du site ledesk
بالعربية
مختارات لوديسك بالعربية

Connectez-vous

Mot de passe oublié ?

Abonnez-vous !

Découvrez l'offre de lancement du Desk

60 DH
1 mois
Découvrir les offres
13.03.2019 à 17 H 34 • Mis à jour le 13.03.2019 à 17 H 34 • Temps de lecture : 1 minutes
Par

كيف تَحْجُبُ الجزائر أُفُقَ مُستقبل مُشرِقٍ عن شبابها

يعود المختص في الاقتصاد الموهوب موهود الى الجذور الاقتصادية والاجتماعية للثورة الجزائرية، ويندد بمماطلة النظام الجزائري الذي ما زال يؤجل الإصلاحات البنيوية، مورطا البلاد في أزمة يصعب الخروج منها.

يعود بنا أستاذ الاقتصاد ونائب رئيس جامعة باريس-دوين، وكاتب لعدد من الأعمال ، الموهوب موهود، الى أصول الثورة الجزائرية التي تنبع من تسيير اقتصادي كارثي. هكذا يجد أكبر بلد إفريقي من حيث المساحة والرابع من حيث الانتاج العالمي للبترول والغاز الطبيعي نفسه حبيس فخ اقتصاد يعتمد على إيرادات الريع وبؤر المحسوبية والرشوة والموت والجمود، ومحكوما عليه بالتضحية بشبابه، والتخبط أمام طريق مسدود في حالة عدم القيام بإصلاحات بنيوية وعدم تنويع اقتصاده.


رغم خروج مئات الآلاف من الأشخاص للشارع، فإن السلطة الجزائرية لم تتخلى بسهولة عن عهدة خامسة لبوتفليقة. كيف تحللون هذا الرسوخ في الموقف وهذا الحراك التاريخي للشارع الجزائري؟


الموهوب موهود : إن هذ الإعلان عن عهدة خامسة مهما كلف الثمن، يمكن أن يظهر كاستفزاز إضافي، من شأنه أن يدفع الحشود المسالمة الى النزوع الى العنف. ولكن ما هو أكيد، هو أننا في مواجهة حراك عميق، وليس بظاهرة سطحية وعرضية، مرتبطة بغضب الشعب ضد الخزي والغطرسة والاحتقار الذي يبديه النظام السياسي بفرضه لولاية خامسة لمرشح غائب عن العيان.


إنه رد فعل لحركة طويلة مديدة والتي ستستمر في بلد شَهِدَ عدة قطيعات، إن "ضمان الاستقرار" الذي حققته رئاسة بوتفليقة والعودة الى السلم المدني (قانون التآلف الوطني)، ضَمِنَ من وجهة نظر السلطات تفضيل المجتمع الجزائري للأمن والاستقرار عن التغيير بسبب العنف الذي شهدته سنوات1990، لكن هذا الخطاب تآكل وأصبح باليا، إن عبارات القطيعة السابقة، تتجمع وتكبر وتتضخم في هذا الحراك الجديد.

 

إن الجزائر كاملة تظاهرت، حتى المدن التي شهدت العُشَرِية السوداء مثل بليدة. وفي مقدمة الحشود نجد الشباب الذي يمثل نصف الساكنة المحكوم عليهم بالبطالة أو الهجرة. كيف يكون التسيير الاقتصادي للبلاد أحد أهم الدوافع العميقة لهذه الانتفاضة على الاوضاع؟


إن الجزائر التي تعتمد على نظام نمو من إيرادات الريع، تحجب عن شبابها أفق المستقبل. إن الاشكالية الأولى تتجلى في تزايد أهمية قطاع المحروقات في انتاج الثروات. وقد عرف هذا المجال نقلة نوعية خلال أوائل الألفية الجديدة، وسمح بالحصول على السلم الاجتماعي وبالإنفاق بكل حرية والتبذير بشكل غير معقلن للحفاظ على التوازن الاجتماعي، توازن اختل سنة 2003 بعد تقلب سعر البترول.


هذا القطاع يمول قطاعين طالهما التضخم هما الاستيراد والتجارة الدولية، وبدون إنتاج أية قيمة مضافة. يضاف الى هذا قطاع ثالث، والذي يتغذى جزئيا بواسطة بنوك وطنية من القطاعين السابقين : قطاع الخدمات والبناء والأصول والموجودات التي لا يتم التعامل بها عموما، والتي تتداخل مع المجال الواسع للقطاع غير النظامي. كما تدهور القطاع الصناعي فلم تعد الصناعة التحويلية تشكل سوى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي.


كما أن عدد السكان النشيطين تقلص، إذ يصل معدل مشاركتهم الى 40 % وهو الأقل على المستوى العالمي، والذي تشاطره الجزائر مع دول أخرى في المنطقة المغاربية والشرق الأوسط. يشكل هذا المعدل تناقضا مقلقا في هذا الاقتصاد : إن الدولة بحكم مواردها المالية التي تدخل الى خزينتها تمكنت من الاستثمار بشكل مكثف في الجامعات، والرفع من تكاليف التعليم، مقارنة مع الناتج المحلي الاجمالي بشكل ملموس جدا، لكن تزايد عدد الجامعات، وكذا الطلبة، دفع بهؤلاء الى التهميش الاجتماعي أو الهجرة القصرية.


لدينا صفوة من الاشخاص المثقفين على شفير الهاوية، لا يستطيعون الاندماج في سوق الشغل في الحاضر كما في المستقبل، وبسبب عنف سنوات التسعينات، توقعت هذه الفئات أن تتغير الأمور الى الافضل لكنهم فقدوا صبرهم في الوقت الراهن. علاوة على ذلك فإن التباين بين المناطق تزايد واتسعت الهوة فيما بينها، وبصعوبات محورية، فنجد في المناطق المعزولة مثلا نسبة البطالة تبلغ 60 الى 70 في المئة.


إن مئات الآلاف من الشباب محتجزون في الجبال والبوادي أو المدن الأقل تحضرا، لأنهم غير قادرين على المغادرة للعمل في المدن، حيث يمكن أن يجدوا فرصا للشغل، إلا أن ثمن الكراء الباهظ خصوصا بالجزائر لا يسمح لهم بذلك. وبوجود خصاص في وسائل النقل لا يجد الشباب مناصا الا البقاء والاتجاه كملاذ أخير الى القطاع غير المهيكل، الذي مازال يتزايد، أو الهجرة القسرية، ولقد أصبحت السياسات الاوروبية فيما يخص الهجرة جد صارمة. وهكذا باتت إمكانيات الهجرة ضعيفة وتزايدت ظاهرة "الحراكة". وتجد عدة أسر وعائلات نفسها لا تملك أي دخل سوى الأموال التي تحولها الجالية الجزائرية بالخارج، وهي ظاهرة منتشرة في بعض المناطق وتسمح بالحفاظ على التوازن الاجتماعي.


اعتدنا القول في الجزائر أنه مادامت عجلة قطاع البترول تدور فإن السلم الاجتماعي مضمون. ألا ترون أنه بعدم تنويع الاقتصاد وفي غياب تطور القطاع الخاص، سقطت البلاد في فخ المداخيل الريعية لمنتوجات النفط؟


كما هو الحال في دول عديدة من بينها مصر، فإن العلاقات بين الدولة والشركات هي علاقة ضبابية مبنية على التبعية. إن القطاع الخاص موجود لكن الشركات التي تحصل على امتيازات هي التي تتحالف مع السلطة، وتحافظ على علاقات متينة معها. أما باقي الشركات فهي تواجه السقف الزجاجي و لا يمكن أن تتطور  رغم كونها في معظم الاحيان شركات نشيطة واكثر دينامية لأنها ليست جزء من أتباع الدولة. والحال أن المهاجرين الجزائريين الذين يحولون كل رواتبهم الى الجزائر يشيخون وعددهم يقل، والاعتماد على هذه الوسيلة للحفاظ على التوازن الاجتماعي لم يعد مجديا.


وهكذا لا يمثل القطاع الخاص النظامي سوى10 % أو 15 % من سوق الشغل، وما تبقى يذهب إلى الإدارة والقطاع غير المهيكل، لأن الشركات الخاصة مكبوحة، وبعضها يستفيد من امتيازات في مجالات لا تسمح بالتنوع مثل العقار، بينما الشركات التي تشتغل في القطاع المعلوماتي المعاصر، والذي تستثمر فيه الجالية تجد نفسها مقيدة في امكانيات تطورها.  هذا الشح في التصنيع يفسر بالصعوبات التي لاقاها المرور من القطاع العام الى القطاع الخاص في سنوات (1990-1980) التي اتسمت باقتصاد منظم ومدبر بإحكام. بعض الشركات ظلت في تناغم مع الدولة بينما شركات أخرى بقيت في مهدها.


لقد تزايد هذا الشح في التصنيع عوض أن يتلاشى، كما تم تهميش الفلاحة أيضا. نحن هنا أمام اقتصاد بمعدل نمو ضعيف يحوم حول 5%و6 %، رغم أن معدل النمو في السنوات الأخيرة قارب 2 % مع تقلب سعر البترول، الذي لا يستفيد منه إلا قلة من الفاعلين، وهنا تكمن كارثة غياب الدينامية الاقتصادية والتنوع.


القى ضغط الاستعمار بكل ثقله أيضا : فقبل الاستقلال لم تكن الجزائر اقتصادا منتجا، ولكنها كانت واجهة للاستيراد الذي شكل ثلثي الناتج المحلي الاجمالي. بعد مرور 60 سنة، استمر الاستيراد في تمثيل ثلث الناتج المحلي الإجمالي، وتفاقم الوضع خلال سنوات 2000، مع ارتفاع سعر البترول.


أضف الى هذا أنه عوض الاستفادة من الركود المؤقت للنمو الديموغرافي، وتناقص عدد الولادات الذي قارب 2،1 في سنوات الألفية، فإن الجزائر حاليا، رفقة مصر والسودان من بين الدول التي تشهد تصاعدا في نسبة الولادات ونسبة النساء. إذ إن تمثيلية النساء المؤهلات والحاملات للشهادات أكبر عددا، إلا أنهن غير ممثلات في سوق الشغل، إذ تقل نسبة مشاركتهن عن 20 %. وهكذا بمجرد حصولهن على شهادتهن، وفي غياب فرص للشغل فإنهن لا يجدن خيارا سوى أن يصبحن ربات بيوت، مما يفسر تزايد نسبة الولادات.


إضافة الى الخطاب المحافظ والأبوي الذي تم ترويجه في سنوات التسعينيات، بتواطؤ مع نظام تعليمي مثل دول أخرى، يدعو للقيم على حساب اكتساب أسلحة المعرفة والنقد. وفي السنوات المقبلة ستتفاقم الأوضاع أكثر وستتزايد التوترات في سوق الشغل بتزايد عدد الشباب. والحاجة ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى الى اصلاحات عميقة للنظام الاقتصادي والمؤسساتي.


في مقال جاد ومُوَضَّح تم نشره في موقع "الحوار" الذي يفسح المجال لباحثين للإفصاح عن آراءهم، تتهمون فيه السلطة الجزائرية بالمماطلة إذ مازالت تؤجل الاصلاحات البنيوية؟


بالفعل، لقد ظلت السلطات تؤجل أجندة الإصلاحات العميقة، إذ أن برنامج الإصلاحات لسنة 2015 الذي كان من المفروض تسريعه، للحصول في السنوات القادمة على اقتصاد أكثر تنوعا وأكثر توفيرا لفرص الشغل، تم تأجيله لأجل غير مسمى انطلاقا من 2016- 2017. خلال بضعة أشهر غيرت الجزائر وزيرها الأول عدة مرات، وبعودة أويحيى الى منصبه تم وضع أجندة اقتصادية تبسط الطريق لانتخابات 2019، مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على التوازنات العامة حتى أبريل 2019.


إن المماطلة في الإصلاحات صاحبتها استراتيجية التعويض المالي، بفضل تمويلات "غير تقليدية" تسمح للخزينة العامة بالتزود من البنك المركزي دون حواجز. إن سكَّ الاوراق المالية شكل في بضعة سنوات، 40 % من الناتج المحلي الاجمالي من التعويض المالي، وتتعدد الآثار السلبية لسياسة كهاته لا تستهدف كيفية استغلال الأموال.


لقد انخفضت قيمة مدخرات الصرف منذ 2013، لتنتقل من 200مليار في 2014 ال95 مليار في2016، ومن هنا نبع هذا اللجوء الى التمويل "غير التقليدي"، إذ كان يتوجب تعويض المدينين للدولة من مختلف الشركات الكبرى الخاصة والعامة. إن انخفاض قيمة العملة ب20 % للدينار صاحبها انخفاض أكبر في للسوق غير الرسمية، وهكذا يتفاقم اقتصاد يعتمد على المداخيل الريعية مقابل قطاع غير نظامي يتوسع عوض أن يتقلص نشاطه. وبالتالي تظل كل الاشكاليات المتعلقة بتوظيف الشباب والحصول على مناصب الشغل غير محلولة.


رغم أنها مرتقبة ومتوقعة فإن الأخطار المرتبطة بالتوترات المؤدية الى التضخم(5,7 % في 2018)،لا يستهان بها. إن زيادة  اكتناز للأسر التي تدخر في الذهب والعقار والموجودات والاصول الدائمة وشراء العملات الاجنبية تؤدي الى تخفيض سعر الصرف  في السوق الموازي مما يؤدي الى تحفيز القطاع غير النظامي.


فهل تكون إذن مصيبة الجزائر في توفرها على البترول؟


ليس هناك بالضرورة لعنة للمواد الأولية، ولا يعني توفرنا على المواد الخام بالضرورة، أن ننغلق بشكل تام في هذا النوع من المآزق. فهناك دول منتجة للبترول في آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا التي نجحت في تنويع اقتصادها. إن المؤسسات والعلاقات بين الدولة والشركات، بالإضافة الى الفساد والرشوة تشكل العوائق الحقيقية لنمو متنوع، وأظن أن عملية إصلاح الدولة تتطلب مراجعة شاملة لكيفية عمل المؤسسات. بل هو شرط مُسْبق وضروري لكل إصلاح سياسي في الوقت الراهن.


كما يجب إضافة أن للجزائر اقتصاد يعتمد على ريع البترول كما أنه متوسط الدخل. فهو اقتصاد هش مقارنة مع الأنماط الاقتصادية الأخرى التي لا ترتبط بالبترول والتي تنجح في خلق تنوع  اقتصادي كدول الخليج التي تتوفر على مداخيل للفرد تفوق الدخل الجزائري. إن الدول المنتجة للبترول ذات دخل مرتفع مثل(السعودية و دول الخليج) يقدر دخل الفرد فيها من مداخيل الغاز والبترول ب(13000دولار متوسط) أقل ب1000 دولار وأكثر ب عشر مرات من الدخل الجزائري.


إن تأثير تقلب سعر البترول كان أكثر وطأة في الدول ذات الدخل المتوسط، كإيران والجزائر مقارنة مع السعودية ودول الخليج، الذين نجحوا في تنويع اقتصادهم لأنهم يتمتعون بمرونة أكبر وبكثافة سكانية أقل.

 

وللخروج من هذا المأزق، يتوجب على الجزائر أن تقوم بإصلاحات عميقة، كما أن هذه الاصلاحات يجب أن يصاحبها إعادة النظر في العلاقات شمال-جنوب، والعلاقات بين الدول المغاربية...


لأجل تمييز سيرورة نمو اقتصاد ما، عاملان أساسيان يتوجب أخذهما بعين الاعتبار : العوامل الداخلية التي تم ذكرها فيما سبق والعوامل الخارجية. وعندما ننظر عن كثب الى الصلات التي تنسج، نلاحظ على مستوى الدول الشمال الافريقية والشرق الاوسط، أن كل دولة وقعت اتفاقية تبادل حر مع الاتحاد الاوروبي بشكل ثنائي وليس تعاوني، كُلٌ على حِدَة. وبما أن السوق الداخلية الإقليمية بين المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر...مجزأة، فإن التداول والمتاجرة مع الدول المجاورة سيكلف أربع مرات أكثر مقارنة مع فرنسا وإيطاليا.


نجد الاتحاد الاوروبي في المركز وتربطه علاقات جد سلسة مع كل الدول، بينما نفس الدول لا تربطها أية علاقة أو علاقاتها سطحية. إذن فشركات الجزء الشمالي لا يمكنها الاستقرار في الجزائر أو المغرب للولوج الى السوق الاقليمية لأنها لتصدر منتوجاتها سيكلفها هذا أكثر من الجزائر أو المغرب على ما سيكلفها من باريس أو مدريد !


إن الشركات الكبرى الأوروبية تُصَدِّر بشكل متزايد نحو هذه الدول، لكنها لا تستقر بها لأجل خلق الثروات والخدمات التي تفيد السوق المحلي كنقل معارف ومهارات في التكنولوجيا لهذا السوق المحلي. إنها تستقر بها إما للاستغلال اليد العاملة البخسة الثمن وتعود الثمار الى أوروبا أو من أجل الغاز أو البترول.


النتيجة : التبادلات الدولية تدفع الى الانغلاق  في قطاع المداخيل الريعية وقلة التنوع. كما أن نظام  التدخل الدولي يكمل النظام القائم على المداخيل الريعية في منطقة يطمح فيها الشباب الى الانتقال بحرية أكبر الى المغرب أو تونس.


إن الثورات تَتَّسِمُ بقطيعة للميثاق المجتمعي مع السلطة. القطيعة الاولى تحدث بين نخبة على شفير الهاوية وحاملي الشهادات والشباب. أما الثانية فهي قطيعة للميثاق الدولي، أي إعادة النظر في نموذج التبادلات التجارية مع أوروبا رغم أن الميثاق مع أوروبا جد وثيق لأسباب جيوسياسية، لهذا هو يساهم في إرجاء التغيير.

 

هذا الانقلاب والتمرد على الوضع ليس مفاجأة. ولقد أعلنتم بأنفسكم في تقرير حول الاقتصاد الجزائري ("مساهمة في رؤية الجزائر2035 "، مارس2018، البنك الدولي ووزارة المالية) ورَسَمْتُم سيناريو القطيعة. البعض يربطه ب "الربيع الجزائري" لسنة1988، والبعض الآخر ب "الربيع العربي". إلى أي مدى يمكننا الوصول في هذه المقارنة؟


إن الغضب الشعبي لسنة 1988 كان في سياق صدمة ارتدادية انهارت بسببها أسعار النفط، بمديونية عامة تناهز 90 % ومديونة دولية ب90 % من الناتج الوطني. لم يكن الوضع شبيها بالوضع الحالي. وأولئك الذين تم سحقهم خلال هذه الأزمة البترولية والتعديلات البنيوية التي نتجت بعد ذلك كانوا شبابا فقراء غير مثقفين من الأحياء الشعبية للمدن. لقد كانت ثورة لعامة الشعب، ثورة للبقاء.


إن التناقض هنا، يكمن في أن هذه التظاهرات خلفت أول حكومة ديموقراطية جزائرية صاحبها غليان ديموقراطي بين 1988 و1991 استثنائي، جمعيات في كل مكان ونساء منظمات، مسرح وثقافة. ثم انتصر الاسلاميون سنة1991 فما لبث أن توقف النظام الانتخابي وعم التعتيم، وكبتت الحريات خلال عُشَرِية من العنف. تم تلا هذه المرحلة حكومات سلطوية حسب الفترات.


اما الآن فالوضع مختلف، إن احتياطي العملة تناقص لكنه لم ينضب كليا. والجزائر بلد محوري يساهم في الحفاظ على أمن المنطقة. لهذا أتوقف هنا على التناقض الذي أشار اليه ألكسيس دي توكفيل : إن الثورات لا تتم الا بعد اصلاحات وتطور وليس عندما تعاني البلدان من الفاقة والعوز التام والتخلف. انه الفرق الأكبر مع تمرد سنة 1988. اليوم، تخرج الطبقات المتوسطة الى الشارع وليس الطبقات الفقيرة، وهكذا تتوسع القاعدة الاجتماعية للثورة.



لهذا فإن احتمال القطيعة أكبر وأهم، ويمكن أن يؤدي الى سلسلة من السيناريوهات، من بينها احتمال الانهيار. ان ارادة الاستمرار في عهدة خامسة لأجل ربح الوقت أو المماطلة تفتح المجال أمام جميع الاحتمالات بما فيها العنف. إن انتصار النظام السوري وعودة الرئيس المصري الى الاعمال وتسلطه، يعطي الانطباع أن المَدَّ السلطوي موجود، ويمكن أن يكبح أو يؤجل هذه الحركة والارادة الرائعة للتغيير التي نراها في الشوارع الجزائرية.


يجب التعامل ايضا مع صعوبة أخرى : إن المعارضة الجزائرية واهنة ومسحوقة ومقسمة وغير قادرة على الاتحاد، إن عددا من أحزاب المعارضة اندمجت في نظام المحسوبية، وأدت الاستفادة من انفجار اسعار البترول في سنوات 2000 الى نسف كتلة المعارضة الديموقراطية التي كانت موجودة.

 

بصفتكم حاملا للجنسيتين الفرنسية والجزائرية، كيف تعيشون شخصيا هذا الانقلاب؟


لقد وصلت الى فرنسا وسني عشر سنوات، وكبرت هنا مثل كل الجالية الجزائرية، ولا أخفي أن ما يحدث حاليا يؤرقني، لكن جزءا من أبحاثي تهتم بالاقتصاد السياسي لبلدان المنطقة، ويجب أن أكون موضوعيا لأفكر وأتمكن من تقديم اقتراحات لمصاحبة هذه الحركة المسالمة نحو تغيير عميق للمؤسسات، حتى يتمكن هذا البلد من فسح المجال للشباب. إن خوفي الاكبر مثل سائر الجزائريين أن يتم اللجوء الى العنف ونعلم أن الأمر سيكون خطيرا بالجزائر..


لقراءة المقال الأصلي

©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.