مقتل حياة: السلطات صامتة لكنها نشيطة في ترويج بروباغندتها
بعد يومين من إعلان وفاة الشابة حياة ب، التي قُتلت بالرصاص من طرف البحرية الملكية، لا زالت السلطات منطوية على نفسها حول القضية، بينما تعددت الخرجات الإعلامية حول موضوع الهجرة الذي يعِدّ له المغرب "ميثاق مراكش" رفقة الأمم المتحدة.
ومن المؤكد أن السلطات قد أكدت في وقت مبكر عبر عمالة المضيق الفنيدق، أنه تم فتح تحقيق حول ملابسات المأساة، دون الإشارة إلى مقتل الفتاة، والاكتفاء بالإبلاغ عن وجود أربعة جرحى. ولم يُشر البيان المقتضب إلى استعمال سلاح ناري أثناء توقيف الزورق السريع الإسباني.
ولكن لم يصدر أي تصريح رسمي عن الرباط تعقيبا على ما كشفته الصحافة، ولا أي رد على المطالب الملحة للمنظمات غير الحكومية، مثل هيومن رايتس ووتش التي تطالب بجعل نتائج التحقيق متاحة للعموم.
ولم يمنع ذلك المصادر غير الرسمية من التعبير دون الكشف عن هويتها، عبر عدة وسائل إعلامية، لغرض تمهيد الطريق للرواية المقبلة. فقد مضت الأحداث المغربية، التي تعتبر قناة تواصلية حصرية للجهاز الأمني، قُدُمًا في حجة "الضغط الممارس على البحرية الملكية بعد تزايد عدد المهاجرين منذ هذا الصيف".
الدفاع الإستباقي عن النفس لتبرير خطأ
كتب موقع ميديا24 أنه "مع بعض التحفظ بما أن المصدر غير رسمي"، مقدما عناصرا مهمة عن اعتراض الزورق، وأن الطلقات النارية أطلقت من طرف "ضابط شاب"، وهو قبطان زورق سريع من نوع RB20 تابع للبحرية الملكية.
وشدد المصدر على أن ضابط البحرية لجأ إلى استعمال بندقيته الهجومية الأمريكية من نوع M16، لأنه تعرض في الماضي إلى إطلاق نار من طرف زورق مطاطي سريع كاد أن يودي بحياته. بشكل واضح، وإن تعلق الأمر بدفاع شرعي عن النفس، بناء على تجارب سابقة، فهذا النوع من الزواق يستعمل بشكل اعتيادي في المنطقة من طرف مهربي المخدرات المدججين بالسلاح، والذين لا يترددون في الاشتباك مع زوارق البحرية التي تنطلق لملاحقتهم. وفي شأن مماثل، يذكّر موقع ميديا24 الذي حرص على استجواب منتدى متخصص في العتاد العسكري المغربي، بأن زوارق البحرية الملكية ليست مزودة بأسلحة ثقيلة كونها فقط موجهة لمهام حراسة السواحل على الضفاف الشمالية للمملكة وليس للإنخراط في القتال.
وحسب مصادرنا العسكرية، ودون الحكم مسبقا على الوقائع التي ذكرها موقع ميديا24، فإنه على عكس القوارب الساحلية للمراقبة البحرية الفرنسية، فإن النسخة المغربية من قوارب RB20 والتي سُلِّمت للمغرب سنوات 2000 من طرف الأوراش الملاحية لمدينة لوريون، تم تعزيز قوتها وتزويدها بمنصة تدعم إدماج مدفع رشاش من عيار 12.7 ملم.
الدبلوماسية تضع أجندة الأمم المتحدة في الواجهة
موازاة مع المعلومات التي عُمّمت على وسائل الإعلام حول قضية الزوارق السريعة المسلحة، فإن أنشطة عمر هلال السفير الممثل للمغرب بنيويورك على هامش الجمعية العامة الـ73 للأمم المتحدة، والتي تعتبر تمهيدا لإبرام "ميثاق مراكش" كانت فرصة لدوائر التواصل الدبلوماسي للنشاط عبر مواقع التواصل نحو الصحافة، والهدف : الإخبار لأقصى حد عن الإستراتيجية الوطنية للهجرة بالمغرب، مع إرفاق رسومات بيانية تشمل معطيات سبق الإعلان عنها في 2017.
والكلمة المفتاح في هذه العملية : التشديد على أن المملكة ملتزمة "بالدفاع عن حقوق الإنسان وكرامة المهاجرين"، حسب كلام هلال الذي قام غداة مأساة المضيق، رفقة لويز آربور الممثلة الخاصة للأمين العام للأم المتحدة الخاصة بشؤون الهجرة، بالتوقيع على اتفاق مقر المؤتمر الدولي للهجرة الذي سينعقد بالمغرب أيام 10 و 11 دجنبر 2018.
الداخلية تطلب المزيد من المساعدات من أوروبا لمواجهة مافيات الهجرة
حدث آخر، ألا وهو خرجة الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية خالد الزروالي، في مقابلة مع وكالة فرانس بريس، حيث ذكّر بسياسة المغرب في مجال الهجرة ودعا الشركاء الأوروبيين إلى "الانضمام إلى جهود المغرب في محاربة شبكات الهجرة عبر المتوسط".
ولشرح ضغط الهجرة، عزا الزروالي الأمر إلى الإغلاق التدريجي لطرق الهجرة الشرقية (تركيا واليونان) والوسطى عبر ليبيا وإيطاليا. وفيما يتعلق بعودة تدفق المهاجرين السريين بكثافة هذا الصيف، ذكر المسؤول أنه منذ بداية العام، "وصلنا لتفكيك أكثر من 80 شبكة هجرة، 23 منها في شهر غشت فقط". ما مثل فرصة له لطلب مساعدات اضافية من الإتحاد الأوروبي لتقوية "الخبرة" المغربية.
ولهذا الغرض، يدعو الوالي إلى "برنامج حقيقي للتعاون في مجال المراقبة الحدودية"، وعودة على "عنف هجمات" المهاجرين، يشرح الزروالي إذا كانت هي سبب العملية الواسعة لترحيل المهاجرين نحو جنوب البلاد. الكثير من التفاصيل التي قدمتها الداخلية والتي لا تشير إلى النهاية المأساوية للشابة حياة..
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.