هل أصبحت زيارة ماكرون المرتقبة محل شك؟

سيحل وزير الشؤون الأوروبية والخارجية الفرنسي جون إيف لودريان بالمغرب ابتداء من 9 شتنبر، حسب مذكرته المنشورة على موقع الدبلوماسية الفرنسية، هذه الزيارة التي لم يكن مخططا لها، تأتي لتعبيد الطريق أمام زيارة إيمانويل ماكرون المقررة في منتصف نونبر.
لكن سماء العلاقات الفرنسية المغربية كانت غائمة خلال الأسابيع الأخيرة، إذ يقول موقع Atlasinfo الذي يعتبر الصوت غير الرسمي للمغرب في باريس، أن لودريان سيتباحث مع نظيره المغربي "حول عدة مواضيع ذات اهتمام مشترك، من ضمنها العلاقات الثنائية، أزمة الهجرة، ليبيا وحوار مجموعة الخمسة زائد خمسة"، وأضاف أنه من المقرر أن تكون هناك "محادثات على انفراد" بين الوزيرين لمعالجة "مواضيع حساسة".
على قائمة المواضيع الحساسة حسب ما تُخبر به الصحافة، تأتي التجاذبات حول قضية أديب، إذ لم تتقبل الرباط استدعاءات ارسلها قاضٍ فرنسي إلى أقلام صحفية غالبا ما يتم تعبئتها عقب كل خلاف بين البلدين.
روايات متناقضة لأزمة معلنة
في بيان منشور على لوديسك، نفت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبي أن تكون المكالمة التي أجرتها مؤخرا مع نظيرها المغربي محمد اوجار، على أية صلة بقضية أديب التي يعد المغرب موضوع خلافها.
بيد أن مصادر دبلوماسية قالت بأن "الملف الآخر" الذي يؤرق بيلوبي هو قضية المهندس الفرنسي ثوماس غالاي المدان سنة 2016 بأنشطة تتعلق بالإرهاب، والذي تتماطل الرباط في تسريع عملية نقله إلى فرنسا كما تنص على ذلك بعض شروط الإتفاقيات القضائية بين البلدين.
وقد وعد الرئيس الفرنسي والدة المدان بأن يتكفل "شخصيا" بالقضية، الشيء الذي اغضب القصر.
ونظرا لغياب أي رد فعل مغربي على إنكار نيكول بيلوبي وإصرار قنواتها غير الرسمية على التشبث برواية الاعتراف "باختلالات" من جانب العدالة الفرنسية في قضية أديب، فإنه يبدو أن حوار الصُم قد حال بين الحكومتين.
ملفات قضائية تتجاوز الإطار القانوني
كومة ملفات التقاضي لا تتلخص فقط في القضايا المرفوعة أمام القضاء، بل تمتد إلى مستوى أمني وبروتوكولي مسببة تذمّرا تراكم خلال الأشهر الأخيرة، حسب موقع يابلادي.
وتعاتب المخابرات المغربية منذ مدة نظراءها الفرنسيين حول التعاون الأمني أحادي الجانب في مجال محاربة الإرهاب، وقد ذكر عبد الحق الخيام رئيس المكتب المركزي للتحقيقات القضائية في مناسبات عدة في خرجاته الإعلامية أن المملكة تسخر جهودا كبيرة لدعم فرنسا، لكنه يتأسف لتجاهل المديرية المركزية للاستخبارات الداخلية والمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسيتان، للطلبات المغربية في بعض الأحيان. ومن بين الحالات التي أبرزها الخيام خلال مقابلة أجرتها معه أسوشيتد بريس في مارس الماضي، قضية الفرنسي المغربي رضوان لقديم مدبر هجوم إرهابي في مركز تسوق في لود والذي أسفر عن مقتل 4 أشخاص و جرح 15 آخرين. ولم تعتبر السلطات الفرنسية أنه من المفيد إعلام السلطات المغربية بمعلومات عن تطرفه.
والحالة لا تبدو معزولة، والدليل كان في ردة الفعل إذ ذهبت الاستخبارات المضادة المغربية إلى حد إقامة منظومة في باريس قوامها شرطي جمركي بمطار أورلي كعميل مزدوج، لكتابة التقارير عن الأفراد المسجلين كخطر على الأمن القومي عند عبورهم، وإرسالها إلى رؤسائه، وكذلك إرسال نسخة إلى المديرية العامة للدراسات و المستندات...
التذمّر حاضر أيضا من الجانب الفرنسي. فالإهتمام الذي ناله فرانسوا هولاند في زياراته الأخيرة للمغرب أثار حفيظة الماكرونيين، حسب مصادر موقع يابلادي. ومن الأمثلة على ذلك : ففي مارس الماضي أقام الملك محمد السادس الذي كان خارج المغرب آنذاك، مأدبة عشاء على شرف فرانسوا هولاند برئاسة ولي العهد مولاي الحسن. مبادرة لم ترق للإليزيه، خصوصا وأن الرئيس السابق يشحذ اسلحته لعودة قوية إلى المشهد السياسي، بينما يرى خَلَفُه شعبيته تنهار بعد كل قضية..
في مثل هكذا ظروف، فإن مجيء رأس الدبلوماسية الفرنسية إلى المغرب بدور الكشّاف هو أمر صعب، فهل يستطيع رجل المهمات الحساسة هذا تنقية الأجواء الغائمة؟ في الأوساط الدبلوماسية يُرى أن انجذابه نحو الجزائر يقلل من فرص نجاحه في هذه المهمة، ويصل التشاؤم إلى حد التنبؤ بتأجيل زيارة إيمانويل ماكرون. أما في الإيليزيه فالحذر والغموض والتشاؤم سادة الموقف : "إلى ذلك الحين، يمكن أن تحدث قضايا مزعجة أخرى".
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.