هل بات أعضاء المنظمة المغربية لحقوق الإنسان يهيمنون على المجلس الوطني لحقوق الإنسان؟
بعد عدة سنوات من التأخير، لم يحترم خلالها النظام الأساسي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قرر الملك محمد السادس في 19 يوليوز، تعيين العديد من الشخصيات لتولي مسؤولية إدارة هذه المؤسسة الرسمية. من بينهم منير بنصالح الذي عين أميناً عاماً. وهو أحد الوجوه البارزة لحركة 20 فبراير، ومهندس من صفوف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قاد فرع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بالبيضاء. إضافة إلى تقلده للمسؤولية داخل المنظمة
وتلى هذا التعيين، تقلد الرئيسة السابقة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان أمينة بوعياش، وأحد الأعضاء المؤسسين للمنظمة على رأس المؤسسة المنبثقة عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وهو ما اعتبره عدد من المراقبين "إحكاما لقبضة المنظمة على المجلس
وتنضاف أسماء أخرى الى هؤلاء لتأكيد هذا التوجه ومنهم : مصطفى المريزق الذي كان سنة 2015 عضوًا في اللجنة التنفيذية للمنظمة، ولقد كان من المغاربة المقيمين بالخارج، كما ينتمي الى حزب الأصالة والمعاصرة ويعتبر من المقربًين من إلياس العمري
وفي البيان الذي نشره المجلس الوطني لحقوق الإنسان، جاء فيه أنه تم تعيين المريزق على أساس أنه تم اقتراحه من قبل مجلس المستشارين، بينما توجه هذا الأخير بالشكر في صفحته الشخصية على الفيسبوك للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان على الثقة التي وضعتها فيه.
أضف الى هذه اللائحة محمد عمارتي، رئيس اللجنة الإقليمية للمجلس في المنطقة الشرقية، وهو عضو في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، حيث كان ناشطا في أوائل سنوات الألفية الجديدة، وعين سنة 2008، منسقا بمدينة وجدة بمركز خصصته المنظمة لطالبي اللجوء، وهو مركز ترأست أمينة بوعياش افتتاحه.
ولا ننسى السعدية وضاح، رئيسة اللجنة الإقليمية للمجلس بجهة الدار البيضاء-سطات. وكانت هذه الاخيرة عضوة في المنظمة، على غرار نزهة جسوس التي عينها الملك كعضو في المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
كما انضمت شخصيات أخرى إلى صفوف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بناءً على اقتراح من رئيس الحكومة، بدءاً من زهور الحر والمحجوب الهيبة، الذي ترأس المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، قبل أن يعوضه نائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أحمد شوقي بنيوب.
في المجموع، يوجد ما لا يقل عن ست شخصيات من المنظمة في المجلس، إضافة إلى رئيسته وأمينه العام، وهو ما يشكل "إحكاما لقبضة" المنظمة على المجلس، خاصة بوجود أعضاء مؤسسين للمنظمة الحقوقية على رأس مؤسستين إضافيتين، وهما بنيوب على رأس المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، ومحمد وزير العدل والحريات، محمد أوجار.
فقًا لمعلوماتنا، فإن القصر الملكي يضم أحد مؤسسي المنظمة والذي لعب دورا في حور المنظمة في تركيبة المجلس، وهو عمر عزيمان، الرئيس السابق للمنظمة. وذكرت الصحافة أن هذا الأخير رفع الفيتو في مطلع شهر يونيو، في وجه مرشح اقترحه حزب العدالة والتنمية، عبد الصمد الإدريسي، الوجه الحقوقي البارز في البيجيدي، وأحد المدافعين عن توفيق بوعشرين. واضطر حزب العدالة التنمية إلى اقتراح مرشح آخر لتعويضه وهو المحامي محمد أمكراز الذي عوضته عزيزة بقالي عن حزب المصباح
وبغض النظر عن تكوين المجلس، فإن طبيعة مناضلي المنظمة والمندوبية، من شأنها أن تؤثر على توجه المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ويمكن القول أن "النضال الناعم" هو الذي انتصر هنا، والمنظمة مشهود لها به"، هكذا علق أحد المختصين في الحركات الحقوقية في المغرب. مضيفًا "أن المنظمة كانت دائمًا نشطة في المنحنى الذي تريده السلطات، بدون تجاوزات..."، مذكرا بأول خروج علني لبوعياش أمام ميكروفون راديو اسباني، والذي أنكرت خلاله وجود أي معتقلين سياسيين في المغرب، وتهربت عبر تحويل النقاش صوب التحديدات المفاهيمية التي تخفي بشكل متعثر الحقيقة الواضحة...
ولفهم صفة "النضال اللين" التي تلتصق بالمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، لا بد من العودة الى بداية تأسيسها. ففي سنة 1988، قررت مجموعة من الشخصيات المؤثرة، اتخاذ مبادرة لإنشاء جمعية تكرس نفسها لقضية الاختفاء القسري والتعذيب. كنا آنذاك مازلنا بعيدين عن سنوات المصالحة، وهيئة الإنصاف والمصالحة التي بدأت في بداية عهد محمد السادس. وفي نهاية "سنوات الرصاص"، كانت هذه القضايا من المحرمات .... "لقد واجهنا العديد من المشاكل منذ البداية، بدءًا من الحظر الذي طال مؤتمرين متتاليين"، هكذا صرحت الرئيسة الحالية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان للصحافة سنة 2015.
في وقت لاحق، تصدرت المنظمة واجهة المشهد السياسي عبر المواقف التي اتخذتها. كانت مسألة وقت فقط، قبل أن تشارك العديد من الشخصيات الرئيسية في المنظمة في حكومة التناوب، من بينهم محمد اليازغي، وعبد الرحمن اليوسفي، وفي وقت لاحق خالد الناصري، الذي يعتبر من الأعضاء المؤسسين للمنظمة.
غير أن المنظمة ستغير خطابها بسرعة، فبخصوص كونية حقوق الإنسان؟ فهذه الأخيرة لا تتردد بإدراجها في بنود نظامها الأساسي لكن مع التأكيد على "الخصوصية المغربية".
وستنكب هذه المنظمة الحقوقية، من الآن فصاعدا، على الدفاع عن إلغاء عقوبة الإعدام، التي تعد من أولوياتها، رغم أن الموضوع جد حساس بالنسبة للاتجاهات المحافظة السائدة، فإن السلطات والقصر على وجه الخصوص، تعتبره مسألة ليست ذات طابع سياسي بالضرورة.
غالبًا ما تكون المنظمة المغربية لحقوق الإنسان هدفًا للانتقاد، خاصة من جانب منافستها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي لا يتردد أعضاؤها الأكثر نفوذاً، ومعظمهم من الجناح اليساري الراديكالي (النهج الديمقراطي بالخصوص) في مهاجمة "نخبوية المنظمة" وكذا "تواطؤ أعضائها مع السلطات "....
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.