واجبنا الإنساني : استقبال اللاجئين السوريين في المغرب
لقد أبانت الدولة بوضوح عن ارتياب محيّر بخصوص هذا الوضع للاجئين السوريين الذين يعيشون وضعية غير لائقة على حافة الحدود مع الجزائر. تائهون ومتخلى عنهم في مكان مقفر على أبواب مدينة فكيك. رجال ونساء وأطفال يحاولون البقاء على قيد الحياة في ظروف تفوق الوصف. يقتاتون بما يكفي لإبقائهم أحياء، ينامون تحت أكياس بلاستيكية، يفترشون الأرض ويلتحفون بشمس حارقة في النهار، ويواجهون خطر الأفاعي والثعابين ليلا. "منذ 22 يوما، ما تزال مجموعة من 41 لاجئا سوريا بينهم 17 طفلا تتراوح أعمارهم بين عامين و14 سنة، عالقة في منطقة عازلة على الحدود المغربية الجزائرية" كما كتبت جريدة تيلكيل التي نقلت نداء استغاثة أطلقته منظمات غير حكومية.
موقف المغرب الرسمي سلط الضوء على الأعمال الإنسانية التي قامت بها المملكة تجاه المواطنين السوريين حيث ذكّر بالعمل المهم الذي يقوم به المستشفى الميداني للقوات المسلحة الملكية بمخيم الزعتري في الأردن والخدمات التي يقدمها للسكان الذين مزقتهم الحرب. يبدو دون مجهود كبير من هذا الخطاب، مقابل ما هو مطروح وملحّ على أرض الواقع، أن الرباط تحاول فقط التهرب من مسؤولية ما يجري على حدودها.
لا تكفي فقط الإشارة في هذا الصدد إلى السياسة غير البريئة للجزائر التي دفعت هؤلاء اللاجئين إلى أبواب فكيك مما دفع الصحافة إلى الإسهاب في الحديث عن عدد اللاجئين السوريين في المغرب. ولا إلى التذكير بالمبادرة الملكية لتسوية أوضاع المهاجرين من دول جنوب الصحراء. كما لا يكفي أيضا التفاف الوزير عبد الكريم بنعتيق مؤخرا على هذه المأساة الإنسانية محاولا تشتيت الأنظار بعيدا متحججا بالحدود المغلقة مع الجزائر في موقف قاسٍ وغير إنساني أساسه حسابات دبلوماسية ضيقة.
نستحضر الآن نداء أنطونيو غوتيريس، عندما كان رئيسا للمفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين، حين طلب من جميع بلدان العالم المشاركة في "التخفيف من العبء الثقيل جدا الذي يتحمله جيران سوريا" الذين يؤوون أكثر من مليوني لاجئ، حاثا كل الدول على العمل "لتقاسم هذه المسؤولية وفتح حدودها ومواصلة توفير الحماية التي يحتاجها جميع السوريين."
المغرب الذي يتفاخر بكونه البلد الأكثر استقرارا وازدهارا في المنطقة مدعو أكثر للاستجابة إلى النداء، كي يكون في طليعة هذا العمل الإنساني تماشيا مع تقاليده التي تتسم بكرم الضيافة، بعيدا عن نظريات "المهاجرين الغزاة" التي تبرر بها الدول الأوروبية عزوفها عن استقبال مهاجرينا الذين يُفقدون ويموتون كل يوم على طرق البلقان وغيرها..
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.