هل الإسلام وحده المسؤول عن الإرهاب؟
فرانسوا بورجا الذي جال العالم العربي، والذي ألّف عددا من الكتب تُفصِّل في تحليل وفهم الظواهر السياسية والتاريخية للمنطقة، أصدر كتابا جديداً يقترح فيه أدوات جديدة لتحليل الإسلام السياسي. كان ضيفا على برنامج ميديابارت، "إعادة فهم الإسلام"، الذي يقدمه الصحافي جوزيف كانفافرو.
يقدّم بورجا في كتابه "فهم الإسلام السياسي"، أطروحة معاكسة لما هو متداول حالياً في وسائل الإعلام الفرنسي، وفي معظم إصدارات المفكرين الفرنسيين الذين يهتمون بإشكاليات الإسلام، الإسلام السياسي، والتأسلم.
تنبني أطروحته هذه على قاعدتين : الأولى تحلل أسباب الرجوع القوي إلى الخطاب السياسي الإسلامي في العالم العربي، والثانية تقدم براهين تنفي أن يكون المعجم الحالي للخطاب السياسي الإسلامي راجع إلى الإيديولوجية أو المرجعية الدينية فقط كما يروَّج له.
يقول بورجا إنّ خطاب الإسلام السياسي ليس قواعد لغوية ثابتة، وإنّما مجرد معجم موروث يمكنه حمل كلّ القيم الكونية وتأثيرات التيارات السياسية العالمية، فقد يكون صاحب ذلك الخطاب ديموقراطياً كـ الغنوشي أو راديكاليا كـ أبي بكر البغدادي.
يشرح المستشرق الفرنسي فرانسوا بورجا بنية الخطاب السياسي الإسلامي، أنه تعبير عن حاجة العرب إلى تبني معجم سياسي باطني (endogène) موروث، مختلف عن خطاب المستعمر، أكثر مما هو خطاب مؤسس على مقدسات دينية. فبعد استرجاع المستعمرات القديمة لأراضيها، وبعد الاستقلال الاقتصادي، في مرحلة ثالثة تطمح هذه "المستعمرات" إلى الاستقلال الكامل عن الغرب، عبر التخلص من الخطاب الغربي ومعجمه، في محاولة للعودة إلى الأصول بخلق معجم سياسي محلي الصنع (Home made).
خلال لقائه مع برنامج ميديابارت، ركز بورجا على أهمية اعتراف الغرب بدوره الأساسي في صنع وإنتاج الإرهاب والعنف، مؤكداً أنّه ما من حل فعلي لهذه الإشكالية التي يعاني منها العالم اليوم إن لم يعترف هذا الغرب بمسؤوليته إزاء ذلك، وإعادته النظر في طريقة تفسيره لظواهر الإسلام السياسي، والتأسلم، والإرهاب.
ينهي بورجا الحوار بهذه الكلمة القوية : "إما المشاركة وإما الإرهاب"، موّضحاً أنّه لا يقصد هنا مشاركة واقتسام الموارد الاقتصادية فقط، وإنما على الغرب أن يشارك العرب والمسلمين الموارد الرمزية أيضا : حرية التعبير العمومي والتمثيلية السياسية، مما سيساهم في الاعتراف بوجودهم كما هم دون أن نفرض عليهم أن يكونوا مثلنا أو أن لا يكونوا. ليخلص بورجا إلى أن هذا هو ما سيمنحنا السلاح الفعلي القادر على الحد من الإرهاب، بدل الاستمرار في إنتاجه.
©️ Copyright Pulse Media. Tous droits réservés.
Reproduction et diffusions interdites (photocopies, intranet, web, messageries, newsletters, outils de veille) sans autorisation écrite.